تصريحٌ حولَ التوسّع الاستيطانيّ الإسرائيليّ في القدس وخلفياته

تصريحٌ حولَ التوسّع الاستيطانيّ الإسرائيليّ في القدس وخلفياته
البيت الأبيض أصبح مستوطنةً صهيونيّةً تسكنها العقليّة الإسرائيليّة الاحتلاليّة
فضل الله يدعو إلى لقاءٍ سنّي شيعيّ تاريخيّ لحماية القدس والشَّعب الفلسطينيّ

 

رأى العلامة المرجع، السيِّد محمّد حسين فضل الله، أنّ قرار التوسّع في الزّحف الاستيطانيّ الإسرائيليّ هو قرارٌ أميركيّ قبل أن يكون إسرائيليّاً... مشيراً إلى أنّ الرّئيس الأميركيّ المزهوّ بتمرير الكونغرس مشروعه حول إصلاح نظام الرّعاية الصحيّة، يعرف أنّه أعطى النوّاب الأميركيّين العاملين لحساب اللّوبي اليهوديّ سلفاً ما طلبوه منه، مؤكّداً أنّ أميركا الإسرائيليّة وإسرائيل الأميركيّة لا تحسبان أيّ حساب للقمّة العربيّة القادمة، والتي سينظر إلى بيانها الختاميّ المعدّ سلفاً على أنّه لا يساوي قيمة الحبر الّذي كتب به، محذّراً من أنّ الخطّة تكمن في التّحالف ضدّ إيران بإلباس المسألة لبوساً عربيّاً في مواجهة الفرس، ولبوساً مذهبيّاً في الحساسيّات التي يراد للسّاحة الإسلاميّة أن تغرق فيها لمصلحة إراحة العدوّ... داعياً المرجعيّات الدّينية عموماً، والمرجعيّات السنيّة والشّيعيّة على وجه الخصوص، إلى لقاءٍ تاريخيّ حاسم يكون عنوانه بحث قضيّة القدس فقط.

 تناول سماحته في تصريحٍ له الحركة الأميركيّة الإسرائيليّة الأخيرة، وجاء في تصريحه:

لقد أظهرت زيارة رئيس وزراء العدوّ الأخيرة للعاصمة الأميركيّة، والتي ازدحمت باللّقاءات الرسميّة مع المسؤولين الأميركيّين، واحتفاء الإدارة الأميركيّة اللافت بهذه الزّيارة، أنّ لليهود المحتلّين كلمتهم، ليس في فلسطين المحتلّة فحسب، بل في قلب البيت الأبيض الّذي ظهر كمستوطنةٍ صهيونيّة تسكنها العقليّة الإسرائيليّة الاحتلاليّة، فتهيمن على قراراتها، وتهزأ بكلمات التّغيير التي تلفّظ بها الرّئيس الأميركيّ في جولاته الانتخابيّة، وفي خطاباته أمام جموع المسلمين والعرب في اسطنبول أو في القاهرة.

ولعلّ من أكبر الأخطاء التي ارتكبها العرب على المستوى السياسيّ في الآونة الأخيرة، والّتي قادتهم إلى التّنازل مجدَّداً، والمضيّ في سلوك طريق التّفاوض، وإعطاء العدوّ هامشاً جديداً لأربعة شهور أخرى، اعتقادهم أنّ قرار التوسّع في الزّحف الاستيطاني هو قرار إسرائيليّ فحسب؛ لأنّ هذا القرار هو أميركيّ قبل أن يكون إسرائيليّاً؛ ولأنّ الإدارة الأميركيّة عملت منذ البداية على أن تعطي العدوّ هامشاً كبيراً للاستمرار بالاستيطان تحت عناوين متعدّدة، منها عنوان "النموّ الطّبيعيّ"  للمستوطنات، ولكنّها قالت للمسؤولين الصَّهاينة: إنَّ عليكم فقط ألا تحرجونا ... ولم يلتفت العدوّ حتى إلى ذلك.

إنّ الرّئيس الأميركيّ المزهوّ تماماً بتمرير الكونغرس الأميركيّ لمشروعه حول إصلاح نظام الرّعاية الصحيّة، يعرف أنّه أعطى النوّاب الأميركيّين العاملين لحساب اللّوبي اليهوديّ سلفاً ما طلبوه منه، وخصوصاً حيال شروط كيان العدوّ السياسيّة والأمنيّة والعسكريّة وغيرها، لتخرج وزيرة خارجيّته في مؤتمر "إيباك" متباكيةً على كيان العدوّ، زاعمةً أنّ التّغييرات التّكنولوجيّة والدّيموغرافيّة تجعله في خطر، ولتتحدّث عن أنّ الالتزام بأمن إسرائيل أصلب من الصّخر.

ولذلك، فإنّ أميركا الإسرائيليّة، وإسرائيل الأميركيّة، لا تحسبان أيّ حسابٍ للقمّة العربيّة القادمة، لأنّهما تعملان على ما يتجاوز البيان الختاميّ المعدّ سلفاً، والّذي سيقول عنه العدوّ كما قال عن البيانات السّابقة، بأنّه لا يساوي قيمة الحبر الّذي كتب فيه، حتى لو تضمّن تنازلاً عربيّاً جديداً بثوب مبادرةٍ جديدة، لأنّ ما يخطّط له العدوّ مع الإدارة الأميركيّة، هو سوق العرب بملوكهم ورؤسائهم إلى موقعٍ مختلفٍ تماماً، وإلى معركةٍ أخرى، بدأت ملامحها السياسيّة والإعلاميّة والاقتصاديّة بالبروز، وهي المعركة المنتظرة عالميّاً ضدّ الجمهورية الإسلاميّة في إيران، والتي يُراد لعرب الأنظمة أن يكونوا طرفاً رئيساً فيها، وأن يتحالفوا مع أميركا وإسرائيل ضدّ إيران، حتى لا تأخذ المسألة بعداً غربيّاً صهيونيّاً فحسب، بل لتلبس اللّبوس العربيّ في مواجهة الفرس، واللّبوس الإسلاميّ في العقليّة المذهبيّة التي يُراد لها أن تنتج الحساسيّات القاتلة التي من شأنها إغراق السّاحة الإسلاميَّة بمعارك هامشيَّة ومشاكل متفاقمة، تريح العدوّ، وتمكّنه مجدّداً من الحديث عن تفوّقٍ نوعيّ صنعه بفعل التّعاون والتّنسيق مع الأميركيّين على حساب مواقع الممانعة وفصائل المقاومة.

إنّنا نحذّر الأنظمة العربيّة الّتي تستمع إلى النّصائح الأميركيّة، من أنّ سياسة كمّ الأفواه لم تعد تؤتي أكلها، وأنَّ مصادرة الشّعوب بقوانين الطَّوارئ وضغط المخابرات لن تجدي في المرحلة المقبلة، وأنَّ استمرارها في سياسة الاستخفاف بشعوبها، والاستجداء للإدارة الأميركيّة، ستكون ذات نتائج مدمّرة على المستويات كافَّةً؛ لأنَّ الرّهان على سقوط القدس والأقصى الشّريف بيد العدوّ هو رهان خاسر، ولأنَّ الأمّة، وإن عاشت تحت ضغوط التّخدير لفترةٍ زمنيّة معيّنة، إلا أنّها ستصحو على أثر الصّدمة، وقد يكون لصحوتها تأثيرات حاسمة في الواقع العربيّ والإسلاميّ كلّه.

كما ندعو المرجعيّات الدّينيّة بعامّة، والإسلاميّة على وجه الخصوص، إلى أخذ زمام المبادرة، والعمل للقاءٍ وحدويّ عام يجمع السنّة والشّيعة في لقاءٍ تاريخيّ حاسمٍ يكون عنوانه بحث قضيّة القدس فقط، لتعرية الأنظمة من جهة، ولشحذ همّة الشّعوب من جهةٍ أخرى، لإيجاد آليّاتٍ عمليّةٍ إسلاميّةٍ هادفةٍ إلى دعم الشَّعب الفلسطينيّ، ومنع اليهود المغتصبين من تهديد بقيَّة المواقع المقدَّسة واغتصابها، وخصوصاً الأقصى الشَّريف.

إنَّ ساعة الحقيقة قد أزفت للسّير في ثلاثة اتجاهات أساسيّة:

1ـ كفّ الأنظمة العربيَّة والإسلاميَّة عن سياسة التّنازلات وعقليّة الاستجداء؛ بل لا بدَّ لهذه الأنظمة من انتهاج سياسة العزّة والكرامة والحرّية القائمة على أساس تحرير مواقع الأمّة من الاحتلال المتنوّع، وأوّله الاحتلال الإسرائيليّ لفلسطين والأميركيّ للعراق وأفغانستان.

2ـ إعداد عناصر القوَّة العلميَّة والتّكنولوجيّة الحاسمة في الأمّة.

3ـ على الشّعوب أن تدرك أنّ هذا الواقع الضَّاغط على حياة الأمّة ومصيرها، لن يتغيّر إلا بأخذ المبادرة في التصدّي لما تتعرّض له الأمّة، والّذي يمثّل فيه التّظاهر والتّضامن مع الشّعب الفلسطينيّ أضعف الإيمان في المسؤوليّة الشّرعيّة والإنسانيّة.

مكتب سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله (رض)
 التاريخ: 8 ربيع الثّاني 1431 هـ الموافق: 24/03/2010 م

البيت الأبيض أصبح مستوطنةً صهيونيّةً تسكنها العقليّة الإسرائيليّة الاحتلاليّة
فضل الله يدعو إلى لقاءٍ سنّي شيعيّ تاريخيّ لحماية القدس والشَّعب الفلسطينيّ

 

رأى العلامة المرجع، السيِّد محمّد حسين فضل الله، أنّ قرار التوسّع في الزّحف الاستيطانيّ الإسرائيليّ هو قرارٌ أميركيّ قبل أن يكون إسرائيليّاً... مشيراً إلى أنّ الرّئيس الأميركيّ المزهوّ بتمرير الكونغرس مشروعه حول إصلاح نظام الرّعاية الصحيّة، يعرف أنّه أعطى النوّاب الأميركيّين العاملين لحساب اللّوبي اليهوديّ سلفاً ما طلبوه منه، مؤكّداً أنّ أميركا الإسرائيليّة وإسرائيل الأميركيّة لا تحسبان أيّ حساب للقمّة العربيّة القادمة، والتي سينظر إلى بيانها الختاميّ المعدّ سلفاً على أنّه لا يساوي قيمة الحبر الّذي كتب به، محذّراً من أنّ الخطّة تكمن في التّحالف ضدّ إيران بإلباس المسألة لبوساً عربيّاً في مواجهة الفرس، ولبوساً مذهبيّاً في الحساسيّات التي يراد للسّاحة الإسلاميّة أن تغرق فيها لمصلحة إراحة العدوّ... داعياً المرجعيّات الدّينية عموماً، والمرجعيّات السنيّة والشّيعيّة على وجه الخصوص، إلى لقاءٍ تاريخيّ حاسم يكون عنوانه بحث قضيّة القدس فقط.

 تناول سماحته في تصريحٍ له الحركة الأميركيّة الإسرائيليّة الأخيرة، وجاء في تصريحه:

لقد أظهرت زيارة رئيس وزراء العدوّ الأخيرة للعاصمة الأميركيّة، والتي ازدحمت باللّقاءات الرسميّة مع المسؤولين الأميركيّين، واحتفاء الإدارة الأميركيّة اللافت بهذه الزّيارة، أنّ لليهود المحتلّين كلمتهم، ليس في فلسطين المحتلّة فحسب، بل في قلب البيت الأبيض الّذي ظهر كمستوطنةٍ صهيونيّة تسكنها العقليّة الإسرائيليّة الاحتلاليّة، فتهيمن على قراراتها، وتهزأ بكلمات التّغيير التي تلفّظ بها الرّئيس الأميركيّ في جولاته الانتخابيّة، وفي خطاباته أمام جموع المسلمين والعرب في اسطنبول أو في القاهرة.

ولعلّ من أكبر الأخطاء التي ارتكبها العرب على المستوى السياسيّ في الآونة الأخيرة، والّتي قادتهم إلى التّنازل مجدَّداً، والمضيّ في سلوك طريق التّفاوض، وإعطاء العدوّ هامشاً جديداً لأربعة شهور أخرى، اعتقادهم أنّ قرار التوسّع في الزّحف الاستيطاني هو قرار إسرائيليّ فحسب؛ لأنّ هذا القرار هو أميركيّ قبل أن يكون إسرائيليّاً؛ ولأنّ الإدارة الأميركيّة عملت منذ البداية على أن تعطي العدوّ هامشاً كبيراً للاستمرار بالاستيطان تحت عناوين متعدّدة، منها عنوان "النموّ الطّبيعيّ"  للمستوطنات، ولكنّها قالت للمسؤولين الصَّهاينة: إنَّ عليكم فقط ألا تحرجونا ... ولم يلتفت العدوّ حتى إلى ذلك.

إنّ الرّئيس الأميركيّ المزهوّ تماماً بتمرير الكونغرس الأميركيّ لمشروعه حول إصلاح نظام الرّعاية الصحيّة، يعرف أنّه أعطى النوّاب الأميركيّين العاملين لحساب اللّوبي اليهوديّ سلفاً ما طلبوه منه، وخصوصاً حيال شروط كيان العدوّ السياسيّة والأمنيّة والعسكريّة وغيرها، لتخرج وزيرة خارجيّته في مؤتمر "إيباك" متباكيةً على كيان العدوّ، زاعمةً أنّ التّغييرات التّكنولوجيّة والدّيموغرافيّة تجعله في خطر، ولتتحدّث عن أنّ الالتزام بأمن إسرائيل أصلب من الصّخر.

ولذلك، فإنّ أميركا الإسرائيليّة، وإسرائيل الأميركيّة، لا تحسبان أيّ حسابٍ للقمّة العربيّة القادمة، لأنّهما تعملان على ما يتجاوز البيان الختاميّ المعدّ سلفاً، والّذي سيقول عنه العدوّ كما قال عن البيانات السّابقة، بأنّه لا يساوي قيمة الحبر الّذي كتب فيه، حتى لو تضمّن تنازلاً عربيّاً جديداً بثوب مبادرةٍ جديدة، لأنّ ما يخطّط له العدوّ مع الإدارة الأميركيّة، هو سوق العرب بملوكهم ورؤسائهم إلى موقعٍ مختلفٍ تماماً، وإلى معركةٍ أخرى، بدأت ملامحها السياسيّة والإعلاميّة والاقتصاديّة بالبروز، وهي المعركة المنتظرة عالميّاً ضدّ الجمهورية الإسلاميّة في إيران، والتي يُراد لعرب الأنظمة أن يكونوا طرفاً رئيساً فيها، وأن يتحالفوا مع أميركا وإسرائيل ضدّ إيران، حتى لا تأخذ المسألة بعداً غربيّاً صهيونيّاً فحسب، بل لتلبس اللّبوس العربيّ في مواجهة الفرس، واللّبوس الإسلاميّ في العقليّة المذهبيّة التي يُراد لها أن تنتج الحساسيّات القاتلة التي من شأنها إغراق السّاحة الإسلاميَّة بمعارك هامشيَّة ومشاكل متفاقمة، تريح العدوّ، وتمكّنه مجدّداً من الحديث عن تفوّقٍ نوعيّ صنعه بفعل التّعاون والتّنسيق مع الأميركيّين على حساب مواقع الممانعة وفصائل المقاومة.

إنّنا نحذّر الأنظمة العربيّة الّتي تستمع إلى النّصائح الأميركيّة، من أنّ سياسة كمّ الأفواه لم تعد تؤتي أكلها، وأنَّ مصادرة الشّعوب بقوانين الطَّوارئ وضغط المخابرات لن تجدي في المرحلة المقبلة، وأنَّ استمرارها في سياسة الاستخفاف بشعوبها، والاستجداء للإدارة الأميركيّة، ستكون ذات نتائج مدمّرة على المستويات كافَّةً؛ لأنَّ الرّهان على سقوط القدس والأقصى الشّريف بيد العدوّ هو رهان خاسر، ولأنَّ الأمّة، وإن عاشت تحت ضغوط التّخدير لفترةٍ زمنيّة معيّنة، إلا أنّها ستصحو على أثر الصّدمة، وقد يكون لصحوتها تأثيرات حاسمة في الواقع العربيّ والإسلاميّ كلّه.

كما ندعو المرجعيّات الدّينيّة بعامّة، والإسلاميّة على وجه الخصوص، إلى أخذ زمام المبادرة، والعمل للقاءٍ وحدويّ عام يجمع السنّة والشّيعة في لقاءٍ تاريخيّ حاسمٍ يكون عنوانه بحث قضيّة القدس فقط، لتعرية الأنظمة من جهة، ولشحذ همّة الشّعوب من جهةٍ أخرى، لإيجاد آليّاتٍ عمليّةٍ إسلاميّةٍ هادفةٍ إلى دعم الشَّعب الفلسطينيّ، ومنع اليهود المغتصبين من تهديد بقيَّة المواقع المقدَّسة واغتصابها، وخصوصاً الأقصى الشَّريف.

إنَّ ساعة الحقيقة قد أزفت للسّير في ثلاثة اتجاهات أساسيّة:

1ـ كفّ الأنظمة العربيَّة والإسلاميَّة عن سياسة التّنازلات وعقليّة الاستجداء؛ بل لا بدَّ لهذه الأنظمة من انتهاج سياسة العزّة والكرامة والحرّية القائمة على أساس تحرير مواقع الأمّة من الاحتلال المتنوّع، وأوّله الاحتلال الإسرائيليّ لفلسطين والأميركيّ للعراق وأفغانستان.

2ـ إعداد عناصر القوَّة العلميَّة والتّكنولوجيّة الحاسمة في الأمّة.

3ـ على الشّعوب أن تدرك أنّ هذا الواقع الضَّاغط على حياة الأمّة ومصيرها، لن يتغيّر إلا بأخذ المبادرة في التصدّي لما تتعرّض له الأمّة، والّذي يمثّل فيه التّظاهر والتّضامن مع الشّعب الفلسطينيّ أضعف الإيمان في المسؤوليّة الشّرعيّة والإنسانيّة.

مكتب سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله (رض)
 التاريخ: 8 ربيع الثّاني 1431 هـ الموافق: 24/03/2010 م

اقرأ المزيد
نسخ النص نُسِخ!
تفسير