أصناف العامرة وأحكامها

أصناف العامرة وأحكامها

أصناف العامرة وحكم كل صنف


أصناف الأرض العامرة أربعة، وهي كما يلي:


الأول: الأرض العامرة بالذات حين الفتح. ويراد بها: (الأرض التي تشتمل على شيء من مظاهر العمران، بنحوٍ لا يحتاج المستفيد منها إلى بذل جهد في إحيائها)، وأهمها الغابات التي تعمر بالأشجار، ثم الأراضي الغنية بالمياه والخضرة من أنواع الحشائش إذا خلت من الأشجار، دون الأراضي المخضرة بطبيعتها من الجبال والسهول إذا خلت من المياه، فإنها - كما تقدم - معتبرة من الأرض الموات.


م ـ 37: الأرض العامرة بالذات معدودة من الأنفال التي تملكها الدولة، ولكن ملكيتها لها لا تمنع كل راغب فيها من حيازتها من دون استئذان الحاكم ولا دفع شيء في مقابلها، ويملكها الآخذ بحيازتها ووضع يده عليها، مسلماً كان أو غير مسلم، ومثلما قلنا في الموات نقول هنا أيضاً: "إن للدولة الحق في أن تنظم استملاك هذه الأراضي، فتمنع بعض الناس من الاستملاك مطلقاً أو في منطقة معينة، أو تمنع جميع الناس من الاستملاك في مناطق معينة، وقد تفرض ـ من أجل ذلك ـ استئذانها، كما يحق لها أن تفرض ثمناً معيناً في قبالها".

    ويكون الفرق بين الأرض الموات وبين هذه هو: أن الأرض الموات لا تملك إلا بالإحياء بالنحو الذي تقدم، أما هذه فإنها محياة بطبيعتها فتملك بمجرد الحيازة ووضع اليد من دون بذل جهد استثنائي.


الثاني: الأرض التي فتحها المسلمون حرباً وعنوة وأخضعوا أهلها لسلطان الإسلام. وهي معظم بلاد فارس والهند والعراق وتركيا وسوريا ولبنان وفلسطين والأردن وشيء من جمهوريات آسيا الوسطى، كآذربيجان وتركستان وغيرهما. والمعوَّلُ في ذلك على ما ثبت من التاريخ فتحه من قبل المسلمين، فإن لم يُعلم حال بلد ما من هذه الجهة لم يعامل معاملة المفتوح عنوة كما سيأتي، وبخاصة وأن بعض المدن في قطر واحد قد يستسلم بالصلح وبعضها الآخر قد يدخل في الإسلام طواعية وبعضها الثالث قد يفتح بالسيف والغلبة.


م ـ 38: تعتبر الأراضي العامرة حين فتح المسلمين لها بالقوة ملكاً عاماً مباحاً للمسلمين كافة، فلا يختص واحد منهم بتملك رقبة الأرض، بل غاية ما يثبت له جواز الانتفاع بها في الزراعة والسكن وأنواع الفوائد بمجرد وضع يده عليها، ويصبح أولى بها من غيره، وعليه أجرتها للسلطان مقابل ذلك الانتفاع، وهي التي اصطلح على تسميتها بـ(الخراج)، والذي بسببه أطلق على هذه الأرض وصف (الخراجية) تمييزاً لها عن غيرها من الأراضي.


م ـ 39: لا يخفى صعوبة تمييز كون هذه الأرض في هذه القرية عامرة حين الفتح أو غير عامرة، ومن أجل تذليل هذه الصعوبة وضبط الأمر وإحصاء الأراضي العامرة فإن المصادر التاريخية قد اعتنت بذلك وأخبرتنا عن عمران العديد من المناطق حين افتتحها المسلمون، وصنّفوا بعض الكتب الخاصة في الأراضي الخراجية وأحكامها لأهمية الأمر للدولة الإسلامية والمسلمين؛ وعليه فإن علم كونها عامرة حينذاك جرى عليها ما سبق، وإلا كانت ملكاً لمن هي في يده كسائر الأملاك.


م ـ 40: لا يصحّ أن يبادر المسلم إلى وضع يده على هذه الأراضي متى شاء وكيف شاء، بل يجب عليه استئذان الحاكم الشرعي المبسوط اليد فعلاً، نظراً لما فيه من فائدة خضوع توزيع هذه الأراضي لنظر الحاكم وتخطيطه، فإن لم يكن مبسوط اليد ولا مهيمناً على الحكم سقط وجوب الاستئذان.


م ـ 41: يستمرّ حقّ الأولوية بالأرض الخراجية لمن هي تحت يده ما دام قائماً بعمارتها مؤدياً لخراجها، ويصح له نقل الحق عنه بالبيع والصلح ونحوهما، فإن أهمل عمارتها حتى صارت مواتاً سقط حقه فيها وعادت مواتاً يملكها من يحييها ويقوم بعمارتها، كما سيأتي؛ أما إذا لم يؤدِّ خراجها فإن كان الحاكم الشرعي في زمان الغيبة مبسوط اليد ألزمه بذلك، وإن لم يكن مبسوط اليد أو لا يقدر على الوصول إليه يسقط عنه.


م ـ 42: مثلما يصح نقل حق الأولوية بالأرض الخراجية بالبيع ونحوه في حال الحياة، فإنّه ينتقل بعد الموت إلى ورثته، ولكن الأرض نفسها توزع على جميع الورثة بالتساوي بمن فيهم الزوجة، وما عليها من شجرٍ ومنشآت يوزع بالتفاضل على حسب أحكام الميراث.


م ـ 43: لا يبيع الإمام هذه الأرض ولا يهبها لأحد من المسلمين إلا في حالات نادرة، فإن ولايته عليها تتوقف عند حدود الإشراف عليها في إطار ما هو مصلحة للمسلمين الذين يملكونها ملكيةً عامةً، وهي بذلك تختلف عما كان من (الأنفال) وكان يملكه الإمام بصفته رئيس الدولة، فإن له أن يهبه أو يبيعه أو يوقفه بالنحو الذي يراه مناسباً، وهو الذي عبّرنا عنه أحياناً بأنه (ملك الدولة).


م ـ 44: من أجل الاستمرار في اعتبار هذه الأرض خراجية لا بد من العلم باستمرار بقائها عامرة من حين الفتح، فلو شككنا في كون هذه الأرض قد ظلت كذلك، واحتملنا عروض ما أخرجها عن ملكية عامة المسلمين لها بمثل الإحياء ودخولها في الملكية الخاصة لهذا المالك الواضع يده عليها، فإننا نقدم قاعدة اليد ونعتبرها ملك ذي اليد لا أرضاً خراجية.


الثالث: أرض الصلح، وهي: (الأرض التي استسلم أهلها لإرادة المسلمين وأوقفوا الحرب وصالحوا المسلمين ودخلوا في سلطانهم طائعين من دون أن يدخلوا في الإسلام)؛ وحكم العامر من هذه الأرض يرجع إلى ما اتفق عليه في بنود الصلح، فما يتفق على جعله أرضاً لعامة المسلمين يأخذ حكم الأرض المفتوحة عنوة، وما يتفق على إعطائه للدولة يصير لها ويأخذ حكم الأنفال، وما يتفق على بقائه في أيدي أصحابه يبقى على ملكهم مع وضع الخراج عليهم حسبما تقتضيه المصلحة.


الرابع: الأرض التي أسلم أهلها عليها؛ وحكم العامر منها أنه يبقى على ملك أصحابه كسائر أملاكهم، وليس عليهم شيء سوى الزكاة ما داموا قد دخلوا طوعاً في الإسلام.

أصناف العامرة وحكم كل صنف


أصناف الأرض العامرة أربعة، وهي كما يلي:


الأول: الأرض العامرة بالذات حين الفتح. ويراد بها: (الأرض التي تشتمل على شيء من مظاهر العمران، بنحوٍ لا يحتاج المستفيد منها إلى بذل جهد في إحيائها)، وأهمها الغابات التي تعمر بالأشجار، ثم الأراضي الغنية بالمياه والخضرة من أنواع الحشائش إذا خلت من الأشجار، دون الأراضي المخضرة بطبيعتها من الجبال والسهول إذا خلت من المياه، فإنها - كما تقدم - معتبرة من الأرض الموات.


م ـ 37: الأرض العامرة بالذات معدودة من الأنفال التي تملكها الدولة، ولكن ملكيتها لها لا تمنع كل راغب فيها من حيازتها من دون استئذان الحاكم ولا دفع شيء في مقابلها، ويملكها الآخذ بحيازتها ووضع يده عليها، مسلماً كان أو غير مسلم، ومثلما قلنا في الموات نقول هنا أيضاً: "إن للدولة الحق في أن تنظم استملاك هذه الأراضي، فتمنع بعض الناس من الاستملاك مطلقاً أو في منطقة معينة، أو تمنع جميع الناس من الاستملاك في مناطق معينة، وقد تفرض ـ من أجل ذلك ـ استئذانها، كما يحق لها أن تفرض ثمناً معيناً في قبالها".

    ويكون الفرق بين الأرض الموات وبين هذه هو: أن الأرض الموات لا تملك إلا بالإحياء بالنحو الذي تقدم، أما هذه فإنها محياة بطبيعتها فتملك بمجرد الحيازة ووضع اليد من دون بذل جهد استثنائي.


الثاني: الأرض التي فتحها المسلمون حرباً وعنوة وأخضعوا أهلها لسلطان الإسلام. وهي معظم بلاد فارس والهند والعراق وتركيا وسوريا ولبنان وفلسطين والأردن وشيء من جمهوريات آسيا الوسطى، كآذربيجان وتركستان وغيرهما. والمعوَّلُ في ذلك على ما ثبت من التاريخ فتحه من قبل المسلمين، فإن لم يُعلم حال بلد ما من هذه الجهة لم يعامل معاملة المفتوح عنوة كما سيأتي، وبخاصة وأن بعض المدن في قطر واحد قد يستسلم بالصلح وبعضها الآخر قد يدخل في الإسلام طواعية وبعضها الثالث قد يفتح بالسيف والغلبة.


م ـ 38: تعتبر الأراضي العامرة حين فتح المسلمين لها بالقوة ملكاً عاماً مباحاً للمسلمين كافة، فلا يختص واحد منهم بتملك رقبة الأرض، بل غاية ما يثبت له جواز الانتفاع بها في الزراعة والسكن وأنواع الفوائد بمجرد وضع يده عليها، ويصبح أولى بها من غيره، وعليه أجرتها للسلطان مقابل ذلك الانتفاع، وهي التي اصطلح على تسميتها بـ(الخراج)، والذي بسببه أطلق على هذه الأرض وصف (الخراجية) تمييزاً لها عن غيرها من الأراضي.


م ـ 39: لا يخفى صعوبة تمييز كون هذه الأرض في هذه القرية عامرة حين الفتح أو غير عامرة، ومن أجل تذليل هذه الصعوبة وضبط الأمر وإحصاء الأراضي العامرة فإن المصادر التاريخية قد اعتنت بذلك وأخبرتنا عن عمران العديد من المناطق حين افتتحها المسلمون، وصنّفوا بعض الكتب الخاصة في الأراضي الخراجية وأحكامها لأهمية الأمر للدولة الإسلامية والمسلمين؛ وعليه فإن علم كونها عامرة حينذاك جرى عليها ما سبق، وإلا كانت ملكاً لمن هي في يده كسائر الأملاك.


م ـ 40: لا يصحّ أن يبادر المسلم إلى وضع يده على هذه الأراضي متى شاء وكيف شاء، بل يجب عليه استئذان الحاكم الشرعي المبسوط اليد فعلاً، نظراً لما فيه من فائدة خضوع توزيع هذه الأراضي لنظر الحاكم وتخطيطه، فإن لم يكن مبسوط اليد ولا مهيمناً على الحكم سقط وجوب الاستئذان.


م ـ 41: يستمرّ حقّ الأولوية بالأرض الخراجية لمن هي تحت يده ما دام قائماً بعمارتها مؤدياً لخراجها، ويصح له نقل الحق عنه بالبيع والصلح ونحوهما، فإن أهمل عمارتها حتى صارت مواتاً سقط حقه فيها وعادت مواتاً يملكها من يحييها ويقوم بعمارتها، كما سيأتي؛ أما إذا لم يؤدِّ خراجها فإن كان الحاكم الشرعي في زمان الغيبة مبسوط اليد ألزمه بذلك، وإن لم يكن مبسوط اليد أو لا يقدر على الوصول إليه يسقط عنه.


م ـ 42: مثلما يصح نقل حق الأولوية بالأرض الخراجية بالبيع ونحوه في حال الحياة، فإنّه ينتقل بعد الموت إلى ورثته، ولكن الأرض نفسها توزع على جميع الورثة بالتساوي بمن فيهم الزوجة، وما عليها من شجرٍ ومنشآت يوزع بالتفاضل على حسب أحكام الميراث.


م ـ 43: لا يبيع الإمام هذه الأرض ولا يهبها لأحد من المسلمين إلا في حالات نادرة، فإن ولايته عليها تتوقف عند حدود الإشراف عليها في إطار ما هو مصلحة للمسلمين الذين يملكونها ملكيةً عامةً، وهي بذلك تختلف عما كان من (الأنفال) وكان يملكه الإمام بصفته رئيس الدولة، فإن له أن يهبه أو يبيعه أو يوقفه بالنحو الذي يراه مناسباً، وهو الذي عبّرنا عنه أحياناً بأنه (ملك الدولة).


م ـ 44: من أجل الاستمرار في اعتبار هذه الأرض خراجية لا بد من العلم باستمرار بقائها عامرة من حين الفتح، فلو شككنا في كون هذه الأرض قد ظلت كذلك، واحتملنا عروض ما أخرجها عن ملكية عامة المسلمين لها بمثل الإحياء ودخولها في الملكية الخاصة لهذا المالك الواضع يده عليها، فإننا نقدم قاعدة اليد ونعتبرها ملك ذي اليد لا أرضاً خراجية.


الثالث: أرض الصلح، وهي: (الأرض التي استسلم أهلها لإرادة المسلمين وأوقفوا الحرب وصالحوا المسلمين ودخلوا في سلطانهم طائعين من دون أن يدخلوا في الإسلام)؛ وحكم العامر من هذه الأرض يرجع إلى ما اتفق عليه في بنود الصلح، فما يتفق على جعله أرضاً لعامة المسلمين يأخذ حكم الأرض المفتوحة عنوة، وما يتفق على إعطائه للدولة يصير لها ويأخذ حكم الأنفال، وما يتفق على بقائه في أيدي أصحابه يبقى على ملكهم مع وضع الخراج عليهم حسبما تقتضيه المصلحة.


الرابع: الأرض التي أسلم أهلها عليها؛ وحكم العامر منها أنه يبقى على ملك أصحابه كسائر أملاكهم، وليس عليهم شيء سوى الزكاة ما داموا قد دخلوا طوعاً في الإسلام.

اقرأ المزيد
نسخ النص نُسِخ!
تفسير