شعر
21/12/2023

ربِّ أنـتَ الحـقيقـة

ربِّ أنـتَ الحـقيقـة

قصيدة نشرت في ديوان "قصائد للإسلام والحياة"، مهداة إلى الدّكتور أسعد علي، تحيّةً لكتابه "معرفة الله".

لا يزالُ الخيالُ في الشَّاطئِ الأبْـيضِ يفْتَنُّ باحِثاً عنْ سَفينِ
تارةً يحْضُنَ الضَّيَاعَ وأُخْرَى ىيتَلهَّى بالموجِ عبْرَ السُّكونِ
ويطوفُ الضَّبابُ رَخْواً، كما انْسَابَتْ طُيوفُ الهَنَا بجفْنٍ حزينِ
ويَظَلُّ الخَيَالُ يمرَحُ والدَّرْبُ طويلٌ، على امْتدادِ السِّنينِ
ربِّ: أنْتَ الحقيقةُ الحقُّ، مَنْ ليْ أنْ أُناجيكَ في خُشُوعِ الحَنينِ
كُلَّما امتَدَّ بي إليْكَ وجودي باحِثاً خلْفَ سرِّكَ المكْنونِ
وتسلَّقْتُ كُلَّ آياتِكَ الكُبْـرى إلى وحْيِكَ الحَبيبِ الحَنونِ
وتعلَّقْتُ بالنُّبوّاتِ تفْتَنُّ إلـى الحقِّ كُلَّ وحْيٍ دَفينِ
كُلَّما لاحَ ليْ الشُّعاعُ وأيْقَنْـتُ بأنّي حطَّمْتُ كُلَّ سجوني
ردَّني عالمي فأوْشَكْتُ أنْ أهْـويَ في التّيهِ في غِمَارِ الظُّنونِ
غيرَ أنّي وإنْ حمَلْتُ تُرابَ الأرْضِ فـي غفْلـةِ اللَّيالـي الهُـونِ(1)
أجِدُ النُّورَ عبْرَ روحِيَ ينْسَابُ انسيابَ الضُّحى بعَيْنِ اليقينِ
منْكَ منْكَ الحيَاةُ تخضَرُّ في رُوحِيَ زهْواً بالفُلِّ والياسَمينِ
ربِّ إنِّي هنا على شاطِئِ الصَّحْـراءِ صمْتٌ مخضَّبٌ بالشُّجونِ
كُلُّ أفْكارِه بقايا رِمَالٍ نثَرَتْها الرِّياحُ فوْقَ العُيونِ
وحكايا عنِ الوَميضِ الَّذي تلْـمَحُهُ الرُّوحُ في ضَميرِ السِّنينِ
ورَمادٌ تذُرُّه نافِخاتُ الـحَطَبِ الجزْلِ(2) في المدى المجْنونِ
مَنْ أنا.. مَنْ أكونُ.. لوْ لم يفِضْ منْ روحِكَ الفيضُ في دمي كالعُيُونِ
مَنْ أنا.. إنَّني إرادتُكَ البيْـضَاءُ، أنْ يغْمُرَ الضِّياءُ جفوني
مَنْ أنا.. أيُّ منهجٍ أتقَرّاهُ بعيداً عنْ نهجِكَ المسنونِ
أنتَ نهْجُ السُّرى، وأنتَ الهدى السَّمْحُ إذا تِهْتُ في دروبِ الجنونِ
لا رِمالُ الصَّحراءِ تحْجُبُني عنْـكَ، ولا اللَّيلُ عنْ هُداكَ الأمينِ
***
ربِّ: إنِّي هُنا على شاطئِ العُمْـرِ، انطلاقٌ يجْتاحُ زهْوَ الزَّمانِ
يلتقي في رِحابِهِ الأمْسُ واليومُ على موْعِدِ الغَدِ الرَّيّانِ
أفْرَغَتْ رُوحُهُ الدَّقائقَ ممّا يُرْهِقُ العُمْرَ في حسابِ الثَّواني
لم تعُدْ في الشَّواطئِ البيضِ دنيَاهُ تُناجي الضِّفافَ عبْرَ الأغاني
لا ضِفافٌ هنا فهذا الوجودُ الرَّحْبُ يطوي لديْكَ كُلَّ المكانِ
عُدْتُ كوْناً يمتدُّ حتّى ليَلْقَاكَ، كما النُّورُ في ربيعِ الجِنانِ
عُدْتُ روحاً حتَّى كأنَّ أحاسيـسي تلظَّتْ فأرْهَفَتْ وِجْداني
فكأنّي أطوفُ يقْظَةَ روْحٍ في لِقَاءِ الإسْرارِ والإعْلانِ
وتَهُزُّ الكِيَانَ إيماءَةُ القُدْسِ جَلالاً أمامَ ربِّ الكِيَانِ
وإذا بي أذوبُ، أنْسابُ إيماناً، خُشُوعاً لرَوْعَةِ الإيمانِ
وإذا بالإنسانِ في عالَمِ الأسـرارِ يسمو على مدَى الإنسانِ
***
يا صديقي: ما زالَتِ الرِّحْلةُ الأُوْلَى إلى الغيْبِ تُرْهِقُ الإنْسانا
تستثيرُ الإبداعَ فيهِ تُناجي في مدَاهُ الأفْيَاءَ والأغْصانا
رُبَّما تُوقِظُ الهوَى في لَياليـهِ فيرْتَدُّ عاشقاً ولْهَانا
ويُغنِّي للحُسْنِ أغنيةَ الحُبِّ فتهْـفو لوحِيِهِ دُنْيانا
ثمَّ تسمو به الأماني إلى وحْـيِ الذُّرى الشُّمِّ روْعةً وافْتِنانا
لكأنَّ الألفاظَ تمتصُّ إحْسَاسَ المُحبّينَ رقَّةً وحَنَانا
ويموجُ المعنى بأعماقِنا الظَّمْـأى كما الحقْلُ يُبدِعُ الألْوانا
ويعودُ الإنسانُ بالحُبِّ صُوفيّاً يناجي حياتَهُ نَشْوانا
***
رُبَّما تلهَثُ الخُطَى في الطَّريقِ الوَعْرِ عبْرَ الحقيقةِ البيضاءِ
قد تُغنِّي الجراحُ للبلْسَمِ الشَّافي غِناءً مُلوَّنَ الأصْداءِ
قد يشيرُ السُّراةُ للرَّبْوةِ الخضْـراءِ عبْرَ المهَامِهِ(3) القفْراءِ
ويظلُّونَ يهْمِسونَ كهمْسِ الـحُلْمِ في غفْلةِ اللَّيالي الوِضاءِ
ويُثيرونَ نشْوةَ السِّرِّ في درْبِ الهوى الأرْيَحيِّ بالإيماءِ
ويُغَنُّونَ للحميَّا وللْكأْسِ بعيداً عنْ نزوةِ الإغْراءِ
لم تكنْ بنْتَ كرْمةٍ فهْي بنْتُ الأرْضِ ذاتُ النَّوازعِ الحمْراءِ
لم تكُنْ كأسَ سامرٍ يتلهَّى باللَّذاذاتِ في فجورِ الدِّماءِ
هي بنْتُ النُّورِ الَّذي يُلْهِبُ الأعْـمَاقَ حتّى تؤجَّ(4) بالرَّمضاءِ(5)
هي بنْتُ القدْسِ الَّذي تخشعُ الأرْواحُ فيه لروْعةِ الإيحاءِ
في كؤوسٍ للعارفينَ، كما النُّورُ صفاءٌ في فجْرِهِ اللأْلاءِ
يرشُفُونَ الضُّحى فتسْكَرُ أرْواحٌ وتنْدَى بها قلوبُ الظِّماءِ
غير أنَّا ـ وإنْ نَعِمْنا بفَيْضِ الـحُبِّ ـ ينسابُ في عُروقِ السَّماءِ
وحملْنا منْ نُعْمَيَاتِ القدَاساتِ العَذارى قدَاسةَ الأوْلياءِ
وفرَشْنا قلوبَنا لنَجاوَى الأرْيَحِيـَّاتِ في ربيعِ الدُّعاءِ
لمْ نزَلْ نرْشُفُ العبيرَ ونُصغي في ابتهالٍ لروْعةِ الأصْداءِ
ونمُدُّ العيونَ للشَّمْـسِ لكنَّا سنبقى نعيشُ في الأفْياءِ
إنّها قصَّةُ الألوهةِ والإنْـسَـانِ.. ماذا لديْكَ مِنْ أجواءِ
أتُرانا ـ ونحنُ أسرى أماني الأرْضِ ـ نحْيا في الموْعِدِ اللَّانِهائي
أترانا ونحنُ في الدَّربِ لا نَمْـلِكُ للنُّورِ غيرَ كأْسِ الغِناءِ
نترجَّى أنْ نرشُفَ النُّورَ كلَّ النُّـورِ في فجْرِهِ بدونِ غِشَاءِ(6)
بعضُ هذا الضِّياءِ يكفي سرايانا ويُوحي بِرَوْعةِ الإسْراءِ
بعضُ هذا الضِّياءِ يورِقُ بالوحْـيِ فهَلْ نحنُ في طريقِ الضِّياءِ
يا صديقي: ما زلْتَ بالسرِّ مشغُوفاً تناجيهِ في أرَقِّ نِداءِ
أتُراكَ انطلقْتَ فيهِ، هلِ انْسَابَتْ لدَيْكَ العيونُ في الصَّحْراءِ
أنْتَ عشْتَ الظِّلالَ والحُبَّ والألْـوانَ عبْرَ الجنائنِ الغنَّاءِ
وبعَثْتَ الإنْسانَ في رُوحِكَ البَيْـضَاءِ يروي حِكايةَ الأُمَنَاءِ
وتلمَّسْتَ كُلَّ لفْتَةِ شِعْرٍ في بيانٍ يرِفُّ بالأشْذاءِ
فإذا بالَّذينَ عاشُوا معَ التَّاريخِ في ظلِّ دعْوةِ الأنْبِياءِ
وتسامَوْا فلوَّنوا الفنَّ بـالحقِّ فكانوا طلائِعَ الأصْفياءِ
ها هنا في حديثِكَ الحُلْوِ عاشُوا من جديدٍ حكايةَ الأضْواءِ
لكَ حُبِّي، حُبُّ الهُدى السَّمْحِ، يبقى في دُرُوبِ العقيدةِ السَّمْحاءِ
هوَ حُبُّ العرْفانِ عِشْتُ نجاواهُ معَ الفجْرِ في نجاوى اللَّقاءِ
أنْتَ مهْما انطلقْتَ فالرّوحُ ظمْأَى والأماني مواسمٌ للرَّجاءِ
 

(١) الهَوْن: الخزي.
(2) الجزل: اليابس.
(3) المهَامِهِ‌: مفردها المَهمَه: المفازة البعيدة، البلد المقفر.
(4) أجَّ‌: اضطرم وتَلَهَّب.
(5) الرَّمضاء: شدَّة الحرّ.
(6) غشاء: جمع أغشية: ما يغشى الشَّيء ويغطّيه.

لا يزالُ الخيالُ في الشَّاطئِ الأبْـيضِ يفْتَنُّ باحِثاً عنْ سَفينِ
تارةً يحْضُنَ الضَّيَاعَ وأُخْرَى ىيتَلهَّى بالموجِ عبْرَ السُّكونِ
ويطوفُ الضَّبابُ رَخْواً، كما انْسَابَتْ طُيوفُ الهَنَا بجفْنٍ حزينِ
ويَظَلُّ الخَيَالُ يمرَحُ والدَّرْبُ طويلٌ، على امْتدادِ السِّنينِ
ربِّ: أنْتَ الحقيقةُ الحقُّ، مَنْ ليْ أنْ أُناجيكَ في خُشُوعِ الحَنينِ
كُلَّما امتَدَّ بي إليْكَ وجودي باحِثاً خلْفَ سرِّكَ المكْنونِ
وتسلَّقْتُ كُلَّ آياتِكَ الكُبْـرى إلى وحْيِكَ الحَبيبِ الحَنونِ
وتعلَّقْتُ بالنُّبوّاتِ تفْتَنُّ إلـى الحقِّ كُلَّ وحْيٍ دَفينِ
كُلَّما لاحَ ليْ الشُّعاعُ وأيْقَنْـتُ بأنّي حطَّمْتُ كُلَّ سجوني
ردَّني عالمي فأوْشَكْتُ أنْ أهْـويَ في التّيهِ في غِمَارِ الظُّنونِ
غيرَ أنّي وإنْ حمَلْتُ تُرابَ الأرْضِ فـي غفْلـةِ اللَّيالـي الهُـونِ(1)
أجِدُ النُّورَ عبْرَ روحِيَ ينْسَابُ انسيابَ الضُّحى بعَيْنِ اليقينِ
منْكَ منْكَ الحيَاةُ تخضَرُّ في رُوحِيَ زهْواً بالفُلِّ والياسَمينِ
ربِّ إنِّي هنا على شاطِئِ الصَّحْـراءِ صمْتٌ مخضَّبٌ بالشُّجونِ
كُلُّ أفْكارِه بقايا رِمَالٍ نثَرَتْها الرِّياحُ فوْقَ العُيونِ
وحكايا عنِ الوَميضِ الَّذي تلْـمَحُهُ الرُّوحُ في ضَميرِ السِّنينِ
ورَمادٌ تذُرُّه نافِخاتُ الـحَطَبِ الجزْلِ(2) في المدى المجْنونِ
مَنْ أنا.. مَنْ أكونُ.. لوْ لم يفِضْ منْ روحِكَ الفيضُ في دمي كالعُيُونِ
مَنْ أنا.. إنَّني إرادتُكَ البيْـضَاءُ، أنْ يغْمُرَ الضِّياءُ جفوني
مَنْ أنا.. أيُّ منهجٍ أتقَرّاهُ بعيداً عنْ نهجِكَ المسنونِ
أنتَ نهْجُ السُّرى، وأنتَ الهدى السَّمْحُ إذا تِهْتُ في دروبِ الجنونِ
لا رِمالُ الصَّحراءِ تحْجُبُني عنْـكَ، ولا اللَّيلُ عنْ هُداكَ الأمينِ
***
ربِّ: إنِّي هُنا على شاطئِ العُمْـرِ، انطلاقٌ يجْتاحُ زهْوَ الزَّمانِ
يلتقي في رِحابِهِ الأمْسُ واليومُ على موْعِدِ الغَدِ الرَّيّانِ
أفْرَغَتْ رُوحُهُ الدَّقائقَ ممّا يُرْهِقُ العُمْرَ في حسابِ الثَّواني
لم تعُدْ في الشَّواطئِ البيضِ دنيَاهُ تُناجي الضِّفافَ عبْرَ الأغاني
لا ضِفافٌ هنا فهذا الوجودُ الرَّحْبُ يطوي لديْكَ كُلَّ المكانِ
عُدْتُ كوْناً يمتدُّ حتّى ليَلْقَاكَ، كما النُّورُ في ربيعِ الجِنانِ
عُدْتُ روحاً حتَّى كأنَّ أحاسيـسي تلظَّتْ فأرْهَفَتْ وِجْداني
فكأنّي أطوفُ يقْظَةَ روْحٍ في لِقَاءِ الإسْرارِ والإعْلانِ
وتَهُزُّ الكِيَانَ إيماءَةُ القُدْسِ جَلالاً أمامَ ربِّ الكِيَانِ
وإذا بي أذوبُ، أنْسابُ إيماناً، خُشُوعاً لرَوْعَةِ الإيمانِ
وإذا بالإنسانِ في عالَمِ الأسـرارِ يسمو على مدَى الإنسانِ
***
يا صديقي: ما زالَتِ الرِّحْلةُ الأُوْلَى إلى الغيْبِ تُرْهِقُ الإنْسانا
تستثيرُ الإبداعَ فيهِ تُناجي في مدَاهُ الأفْيَاءَ والأغْصانا
رُبَّما تُوقِظُ الهوَى في لَياليـهِ فيرْتَدُّ عاشقاً ولْهَانا
ويُغنِّي للحُسْنِ أغنيةَ الحُبِّ فتهْـفو لوحِيِهِ دُنْيانا
ثمَّ تسمو به الأماني إلى وحْـيِ الذُّرى الشُّمِّ روْعةً وافْتِنانا
لكأنَّ الألفاظَ تمتصُّ إحْسَاسَ المُحبّينَ رقَّةً وحَنَانا
ويموجُ المعنى بأعماقِنا الظَّمْـأى كما الحقْلُ يُبدِعُ الألْوانا
ويعودُ الإنسانُ بالحُبِّ صُوفيّاً يناجي حياتَهُ نَشْوانا
***
رُبَّما تلهَثُ الخُطَى في الطَّريقِ الوَعْرِ عبْرَ الحقيقةِ البيضاءِ
قد تُغنِّي الجراحُ للبلْسَمِ الشَّافي غِناءً مُلوَّنَ الأصْداءِ
قد يشيرُ السُّراةُ للرَّبْوةِ الخضْـراءِ عبْرَ المهَامِهِ(3) القفْراءِ
ويظلُّونَ يهْمِسونَ كهمْسِ الـحُلْمِ في غفْلةِ اللَّيالي الوِضاءِ
ويُثيرونَ نشْوةَ السِّرِّ في درْبِ الهوى الأرْيَحيِّ بالإيماءِ
ويُغَنُّونَ للحميَّا وللْكأْسِ بعيداً عنْ نزوةِ الإغْراءِ
لم تكنْ بنْتَ كرْمةٍ فهْي بنْتُ الأرْضِ ذاتُ النَّوازعِ الحمْراءِ
لم تكُنْ كأسَ سامرٍ يتلهَّى باللَّذاذاتِ في فجورِ الدِّماءِ
هي بنْتُ النُّورِ الَّذي يُلْهِبُ الأعْـمَاقَ حتّى تؤجَّ(4) بالرَّمضاءِ(5)
هي بنْتُ القدْسِ الَّذي تخشعُ الأرْواحُ فيه لروْعةِ الإيحاءِ
في كؤوسٍ للعارفينَ، كما النُّورُ صفاءٌ في فجْرِهِ اللأْلاءِ
يرشُفُونَ الضُّحى فتسْكَرُ أرْواحٌ وتنْدَى بها قلوبُ الظِّماءِ
غير أنَّا ـ وإنْ نَعِمْنا بفَيْضِ الـحُبِّ ـ ينسابُ في عُروقِ السَّماءِ
وحملْنا منْ نُعْمَيَاتِ القدَاساتِ العَذارى قدَاسةَ الأوْلياءِ
وفرَشْنا قلوبَنا لنَجاوَى الأرْيَحِيـَّاتِ في ربيعِ الدُّعاءِ
لمْ نزَلْ نرْشُفُ العبيرَ ونُصغي في ابتهالٍ لروْعةِ الأصْداءِ
ونمُدُّ العيونَ للشَّمْـسِ لكنَّا سنبقى نعيشُ في الأفْياءِ
إنّها قصَّةُ الألوهةِ والإنْـسَـانِ.. ماذا لديْكَ مِنْ أجواءِ
أتُرانا ـ ونحنُ أسرى أماني الأرْضِ ـ نحْيا في الموْعِدِ اللَّانِهائي
أترانا ونحنُ في الدَّربِ لا نَمْـلِكُ للنُّورِ غيرَ كأْسِ الغِناءِ
نترجَّى أنْ نرشُفَ النُّورَ كلَّ النُّـورِ في فجْرِهِ بدونِ غِشَاءِ(6)
بعضُ هذا الضِّياءِ يكفي سرايانا ويُوحي بِرَوْعةِ الإسْراءِ
بعضُ هذا الضِّياءِ يورِقُ بالوحْـيِ فهَلْ نحنُ في طريقِ الضِّياءِ
يا صديقي: ما زلْتَ بالسرِّ مشغُوفاً تناجيهِ في أرَقِّ نِداءِ
أتُراكَ انطلقْتَ فيهِ، هلِ انْسَابَتْ لدَيْكَ العيونُ في الصَّحْراءِ
أنْتَ عشْتَ الظِّلالَ والحُبَّ والألْـوانَ عبْرَ الجنائنِ الغنَّاءِ
وبعَثْتَ الإنْسانَ في رُوحِكَ البَيْـضَاءِ يروي حِكايةَ الأُمَنَاءِ
وتلمَّسْتَ كُلَّ لفْتَةِ شِعْرٍ في بيانٍ يرِفُّ بالأشْذاءِ
فإذا بالَّذينَ عاشُوا معَ التَّاريخِ في ظلِّ دعْوةِ الأنْبِياءِ
وتسامَوْا فلوَّنوا الفنَّ بـالحقِّ فكانوا طلائِعَ الأصْفياءِ
ها هنا في حديثِكَ الحُلْوِ عاشُوا من جديدٍ حكايةَ الأضْواءِ
لكَ حُبِّي، حُبُّ الهُدى السَّمْحِ، يبقى في دُرُوبِ العقيدةِ السَّمْحاءِ
هوَ حُبُّ العرْفانِ عِشْتُ نجاواهُ معَ الفجْرِ في نجاوى اللَّقاءِ
أنْتَ مهْما انطلقْتَ فالرّوحُ ظمْأَى والأماني مواسمٌ للرَّجاءِ
 

(١) الهَوْن: الخزي.
(2) الجزل: اليابس.
(3) المهَامِهِ‌: مفردها المَهمَه: المفازة البعيدة، البلد المقفر.
(4) أجَّ‌: اضطرم وتَلَهَّب.
(5) الرَّمضاء: شدَّة الحرّ.
(6) غشاء: جمع أغشية: ما يغشى الشَّيء ويغطّيه.

اقرأ المزيد
نسخ النص نُسِخ!
تفسير