في مقابلة مع وكالة "مهر" للأنباء الإيرانيّة، بمناسبة يوم القدس العالميّ السيّد فضل الله: القدس تمثّل القضيّة والرّمز لعزّة الأمّة وكرامتها، وأيّة قوّة في العالم لا تستطيع أن تلغي إرادة الفلسطينيّين وحقّهم بأرضهم

في مقابلة مع وكالة "مهر" للأنباء الإيرانيّة، بمناسبة يوم القدس العالميّ السيّد فضل الله: القدس تمثّل القضيّة والرّمز لعزّة الأمّة وكرامتها، وأيّة قوّة في العالم لا تستطيع أن تلغي إرادة الفلسطينيّين وحقّهم بأرضهم

في مقابلة مع وكالة "مهر" للأنباء الإيرانيّة، بمناسبة يوم القدس العالميّ

السيّد فضل الله: القدس تمثّل القضيّة والرّمز لعزّة الأمّة وكرامتها، وأيّة قوّة في العالم لا تستطيع أن تلغي إرادة الفلسطينيّين وحقّهم بأرضهم

 

رمزيّة القدس

س: بعد التّداعيات السياسيّة المخزية في المنطقة العربيّة والإسلاميّة، هل لا زالت القدس تشكّل قضيّةً مركزيّةً ورمزيّةً للعرب والمسلمين؟

ج:إنّ رمزيّة القدس للقضيّة الفلسطينيّة تتحرّك في إطار المفاهيم التي تتّصل بعزّة الأمّة وكرامتها وإيمانها بحقّها الثّابت أمام كلِّ محاولات القهر والعدوان واللّعب على عامل الزّمن؛ ومن هنا، نعتقد أنّ الأمّة ـ ولو من خلال شعوبها وجهاتها الفاعلة ـ لا تزال تنطلق من هذا المنطلق وتتحرّك في هذا الإطار. ولذلك، لا تزال القدس بالنّسبة إليها تمثّل القضيّة والرّمز اللّذين لا يُمكن التّنازل عنهما في أيّ حالٍ من الأحوال؛ لأنّه يمثّل تنازلاً عن الذّات وحضورها الفاعل.

وينبغي أن نؤكّد في هذا المجال الدّور الذي يلعبه الفلسطينيّون الّذين يمثّلون الشّعب اللّصيق بهذه القضيّة، وهو، في نحوٍ من الأنحاء، مؤتمنٌ عليها، مهما تكالبت عليه الأمم المستكبرة، وحاولت إخضاعه من خلال اليأس من الواقع. والمؤمن لا ييأس؛ لأنّه ينظر بعين الله، تماماً كما تحدّث الله على لسان يعقوب(ع): {وَلاَ تَيْأَسُواْ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ}[يوسف:87]. وفي كلّ الأحوال، فإنّ الفلسطينيّين قد استطاعوا عبر الزّمن إعطاء النّموذج الفذّ في الصّمود في وجه كلّ محاولات الإلغاء، وأثبتوا أنّهم متى تشبّثوا بحقّهم من خلال التمسّك بحبل الله المتين، فإنّ أيّ قوّةٍ في العالم لن تستطيع أن تلغيهم أو تسحق إرادتهم.

إنّ الإنسان لا يُمكن أن يُلغى أو يُشطب من دائرة الفعل في الحياة إلا عندما يُلغي هو نفسَه، ومتى بقيت إرادةُ الحياة موجودةً، فالقضيّة تتحوّل عندئذٍ إلى جذوةٍ متوقّدة في مدى الزّمن ومع تعاقب الأجيال.
القدس تمثّل القضيّة والرّمز اللّذين لا يُمكن التّنازل عنهما في أيّ حالٍ من الأحوال

 حرمة تهويد فلسطين

س: ما هو الموقف الإسلاميّ الشّرعيّ من تهويد  فلسطين؟

ج: لقد أصدرنا بياناً أكّدنا فيه أنّ أحداً في هذا العالم لا يملك شرعيّة أن يتنازل عن أيّ شبرٍ من فلسطين، كلّ فلسطين، فضلاً عن القدس التي تمثّل العمق في الوجدان والتّاريخ الإسلاميّ، ورمزاً أساسيّاً للقضيّة... كما أصدرنا فتوى حرَّمنا فيها أيَّ حالةٍ من حالات التّطبيع مع العدوّ، مهما كانت النّتائج المترتّبة على حركة الأنظمة العربيّة السياسيّة؛ لأنّ الإنسان المسلم لا يُمكنه أن يشرّع الغصب والاحتلال والظُّلم والعدوان، ولا يُمكنه أن يسالم من هو في وجوده يمارس الاعتداء عليه وعلى الأمّة، في حاضرها ومستقبلها.
المسلم لا يُمكنه أن يشرّع الغصب والاحتلال والظُّلم والعدوان

س: يُصار إلى نصب فخٍّ للعرب عن طريق الحديث عن معادلة وقف استيطان موقّت مقابل تطبيعٍ كاملٍ ودائمٍ. كيف نواجه هذه المقولة ـ المهزلة؟

ج: للأسف، إنّ وضع كثيرٍ من الأنظمة العربيّة اليوم كقول ذلك الشّاعر:

من يهنْ يسهلِ الهوانُ عليه        ما لجرحٍ بميّتٍ إيلامُ

ولكنّنا نقول إنّ المسألة بيد الشّعوب؛ لأنّه مهما تحرّكت الأنظمة في العمليّة السياسيّة المذلّة، فإنّ الشعوب هي التي تملك الاستمراريّة عبر الزّمن، وبإمكانها إفشال أيّ محاولةٍ جديدة لإدخال الأمّة في مزيد من الذلّ والموت الحضاريّ والتاريخيّ. وليس من خيارٍ أمام الشّعوب إلا مقاومة كلّ ذلك بشتّى الوسائل، وفي كلّ الميادين، والاستمرار في عمليّة صناعة القوّة في سبيل التّغيير في المستقبل إن لم يسعْهُ الحاضر.

 يوم القدس العالميّ

س: هل تحوّل يوم القدس العالميّ إلى مناسبة احتفاليّة فقط؟ ألسنا نحتاج بعد مرور ما يقارب 30 سنة على دعوة الإمام الخميني(قده) لإحياء يوم القدس، إلى تطوير الاهتمام بهذا اليوم العالميّ؟

ج: لقد كنّا نؤكّد دائماً أنّ يوم القدس لا بدّ من أن يبقى يمثّل الرّمز للقضيّة، وإنّ هذه الرمزيّة هي بيد النّاس أنفسهم؛ لأنّ الوعي هو الذي يُخرج أيّ مناسبة احتفاليّة من شكلها المجرّد إلى أفقها التوجيهيّ والتثقيفيّ، وشحن الوجدان الحيّ الفاعل في سبيل إعطاء القضيّة زخمها الأقصى مقدّمةً لعمليّة تغيير الواقع.

وقد يحسن لنا في هذا المجال أن نشير إلى أنّه لا ينبغي أن تقتصر الاحتفاليّة بيوم القدس على لونٍ واحد، أو على جهة معيّنة، بل لا بدّ من أن نضمن أن يكون الاحتفال بيوم القدس شموليّاً، في ألوانه وميادينه وجهاته، بحيث يشعر كلّ إنسانٍ، من موقعه الثّقافي، أو السياسيّ، أو الاجتماعيّ، أو الاقتصاديّ، أو العسكريّ والأمنيّ، أو ما إلى ذلك، أنّه معنيّ بهذا اليوم، وأنّ بإمكانه التعبير بطريقته عن حضور القضيّة في وجدانه، بما يؤمِّن الأرضيَّة المؤاتية لتحرّك المجتمع بأسره نحو تلك القضيّة، لا أن يتحرّك جزءٌ من المجتمع من خلال لونٍ واحدٍ، ويبقي كثيراً من النّاس الذين يعتبرون أنفسهم غير معنيّين بهذا اللّون الاحتفاليّ، خارج إطار القضيّة ورمزيّتها.
   

لا بدّ من أن يكون الاحتفال بيوم القدس شموليّاً، في ألوانه وميادينه وجهاته.

مكتب سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله (رض)
التاريخ: 27شهر رمضان 1430 هـ  الموافق: 16/09/2009 م

في مقابلة مع وكالة "مهر" للأنباء الإيرانيّة، بمناسبة يوم القدس العالميّ

السيّد فضل الله: القدس تمثّل القضيّة والرّمز لعزّة الأمّة وكرامتها، وأيّة قوّة في العالم لا تستطيع أن تلغي إرادة الفلسطينيّين وحقّهم بأرضهم

 

رمزيّة القدس

س: بعد التّداعيات السياسيّة المخزية في المنطقة العربيّة والإسلاميّة، هل لا زالت القدس تشكّل قضيّةً مركزيّةً ورمزيّةً للعرب والمسلمين؟

ج:إنّ رمزيّة القدس للقضيّة الفلسطينيّة تتحرّك في إطار المفاهيم التي تتّصل بعزّة الأمّة وكرامتها وإيمانها بحقّها الثّابت أمام كلِّ محاولات القهر والعدوان واللّعب على عامل الزّمن؛ ومن هنا، نعتقد أنّ الأمّة ـ ولو من خلال شعوبها وجهاتها الفاعلة ـ لا تزال تنطلق من هذا المنطلق وتتحرّك في هذا الإطار. ولذلك، لا تزال القدس بالنّسبة إليها تمثّل القضيّة والرّمز اللّذين لا يُمكن التّنازل عنهما في أيّ حالٍ من الأحوال؛ لأنّه يمثّل تنازلاً عن الذّات وحضورها الفاعل.

وينبغي أن نؤكّد في هذا المجال الدّور الذي يلعبه الفلسطينيّون الّذين يمثّلون الشّعب اللّصيق بهذه القضيّة، وهو، في نحوٍ من الأنحاء، مؤتمنٌ عليها، مهما تكالبت عليه الأمم المستكبرة، وحاولت إخضاعه من خلال اليأس من الواقع. والمؤمن لا ييأس؛ لأنّه ينظر بعين الله، تماماً كما تحدّث الله على لسان يعقوب(ع): {وَلاَ تَيْأَسُواْ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ}[يوسف:87]. وفي كلّ الأحوال، فإنّ الفلسطينيّين قد استطاعوا عبر الزّمن إعطاء النّموذج الفذّ في الصّمود في وجه كلّ محاولات الإلغاء، وأثبتوا أنّهم متى تشبّثوا بحقّهم من خلال التمسّك بحبل الله المتين، فإنّ أيّ قوّةٍ في العالم لن تستطيع أن تلغيهم أو تسحق إرادتهم.

إنّ الإنسان لا يُمكن أن يُلغى أو يُشطب من دائرة الفعل في الحياة إلا عندما يُلغي هو نفسَه، ومتى بقيت إرادةُ الحياة موجودةً، فالقضيّة تتحوّل عندئذٍ إلى جذوةٍ متوقّدة في مدى الزّمن ومع تعاقب الأجيال.
القدس تمثّل القضيّة والرّمز اللّذين لا يُمكن التّنازل عنهما في أيّ حالٍ من الأحوال

 حرمة تهويد فلسطين

س: ما هو الموقف الإسلاميّ الشّرعيّ من تهويد  فلسطين؟

ج: لقد أصدرنا بياناً أكّدنا فيه أنّ أحداً في هذا العالم لا يملك شرعيّة أن يتنازل عن أيّ شبرٍ من فلسطين، كلّ فلسطين، فضلاً عن القدس التي تمثّل العمق في الوجدان والتّاريخ الإسلاميّ، ورمزاً أساسيّاً للقضيّة... كما أصدرنا فتوى حرَّمنا فيها أيَّ حالةٍ من حالات التّطبيع مع العدوّ، مهما كانت النّتائج المترتّبة على حركة الأنظمة العربيّة السياسيّة؛ لأنّ الإنسان المسلم لا يُمكنه أن يشرّع الغصب والاحتلال والظُّلم والعدوان، ولا يُمكنه أن يسالم من هو في وجوده يمارس الاعتداء عليه وعلى الأمّة، في حاضرها ومستقبلها.
المسلم لا يُمكنه أن يشرّع الغصب والاحتلال والظُّلم والعدوان

س: يُصار إلى نصب فخٍّ للعرب عن طريق الحديث عن معادلة وقف استيطان موقّت مقابل تطبيعٍ كاملٍ ودائمٍ. كيف نواجه هذه المقولة ـ المهزلة؟

ج: للأسف، إنّ وضع كثيرٍ من الأنظمة العربيّة اليوم كقول ذلك الشّاعر:

من يهنْ يسهلِ الهوانُ عليه        ما لجرحٍ بميّتٍ إيلامُ

ولكنّنا نقول إنّ المسألة بيد الشّعوب؛ لأنّه مهما تحرّكت الأنظمة في العمليّة السياسيّة المذلّة، فإنّ الشعوب هي التي تملك الاستمراريّة عبر الزّمن، وبإمكانها إفشال أيّ محاولةٍ جديدة لإدخال الأمّة في مزيد من الذلّ والموت الحضاريّ والتاريخيّ. وليس من خيارٍ أمام الشّعوب إلا مقاومة كلّ ذلك بشتّى الوسائل، وفي كلّ الميادين، والاستمرار في عمليّة صناعة القوّة في سبيل التّغيير في المستقبل إن لم يسعْهُ الحاضر.

 يوم القدس العالميّ

س: هل تحوّل يوم القدس العالميّ إلى مناسبة احتفاليّة فقط؟ ألسنا نحتاج بعد مرور ما يقارب 30 سنة على دعوة الإمام الخميني(قده) لإحياء يوم القدس، إلى تطوير الاهتمام بهذا اليوم العالميّ؟

ج: لقد كنّا نؤكّد دائماً أنّ يوم القدس لا بدّ من أن يبقى يمثّل الرّمز للقضيّة، وإنّ هذه الرمزيّة هي بيد النّاس أنفسهم؛ لأنّ الوعي هو الذي يُخرج أيّ مناسبة احتفاليّة من شكلها المجرّد إلى أفقها التوجيهيّ والتثقيفيّ، وشحن الوجدان الحيّ الفاعل في سبيل إعطاء القضيّة زخمها الأقصى مقدّمةً لعمليّة تغيير الواقع.

وقد يحسن لنا في هذا المجال أن نشير إلى أنّه لا ينبغي أن تقتصر الاحتفاليّة بيوم القدس على لونٍ واحد، أو على جهة معيّنة، بل لا بدّ من أن نضمن أن يكون الاحتفال بيوم القدس شموليّاً، في ألوانه وميادينه وجهاته، بحيث يشعر كلّ إنسانٍ، من موقعه الثّقافي، أو السياسيّ، أو الاجتماعيّ، أو الاقتصاديّ، أو العسكريّ والأمنيّ، أو ما إلى ذلك، أنّه معنيّ بهذا اليوم، وأنّ بإمكانه التعبير بطريقته عن حضور القضيّة في وجدانه، بما يؤمِّن الأرضيَّة المؤاتية لتحرّك المجتمع بأسره نحو تلك القضيّة، لا أن يتحرّك جزءٌ من المجتمع من خلال لونٍ واحدٍ، ويبقي كثيراً من النّاس الذين يعتبرون أنفسهم غير معنيّين بهذا اللّون الاحتفاليّ، خارج إطار القضيّة ورمزيّتها.
   

لا بدّ من أن يكون الاحتفال بيوم القدس شموليّاً، في ألوانه وميادينه وجهاته.

مكتب سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله (رض)
التاريخ: 27شهر رمضان 1430 هـ  الموافق: 16/09/2009 م
اقرأ المزيد
نسخ النص نُسِخ!
تفسير