مختارات
03/12/2012

ويسألونني لم كلّ هذا العشق؟

ويسألونني لم كلّ هذا العشق؟

عبرات تنسكب من عينٍ ما رأتك لتغسل وجنات من ذابت شوقاً للقاك في فكرك، في نهجك، في نثرك وفي شعرك .

عبرت الأيّام سرب الزّمان، ولم يمنّ القدر عليّ أن ألتقيه لأبحر في عباب عينيه التّائهتين في بحر الإيمان، لأقرأ في قلبه صمت التّقى والرّضوان، ولأسمع صدى الصّبر يتصاعد من روحه الطّاهرة، فأفهم معنى الإسلام الحقّ، معنى أن يكون الإنسان إنساناً لإنسانيّته.

وبعد.. ماذا بعد؟! رحت أتأمّل صورته المعلّقة على أوتار قلبي، تراودني أسئلة مثل: ماذا لو رأيته؟ ماذا كنت قلت له؟ لا أستطيع أن أتخيّل الأحاسيس الّتي كانت ستختلجني، جلّ ما يمكن وصفه، دقّات قلب تنتفض شوقاً في اللّقاء، نبضات تتسارع علّها توقف الزّمان، فأظلّ غارقةً في وجهه السّمح يتصبّب إنسانيّةً وهدى وحناناً، لو أنّني رأيته، لنذرت الدّموع فرحاً وفخراً بلقاء من ذاب تواضعاً، من أحبّ النّاس فأحبّوه، لأنّي لمحت من عاش مع النّاس بأخلاق نبويّة، فكان مرآة لروحيّة الإسلام، عكست مواقف الرسالة الحضاريّة.

هو صاحب العمّة والعمامة، من رحب آفاقه نقطف العبر اليانعة، هو ذا سماحة العلامة المرجع السيّد محمد حسين فضل الله(رض)، سيّد الكلمة والموقف، دعانا لنفكّر معه، مجهراً بصوته: "فكّروا معي"، ولم يرض أن يفكّر عنّا.. أسّس جمعيّة المبرّات الخيريّة تحت شعار "المبرّات إسلاميّة وليست طائفيّة".. على هذا الفكر علّم وأنشأ جيل المبرّات، ورعى الأيتام والمساكين والفقراء، فكان لسان حاله يلهج: "الله الله في أيتامكم وفقرائكم ومساكينكم وضعفائكم".

هو ذا الفقيه المجدّد والعلاّمة المنفتح، من ينبوع الوحدة الإسلاميّة روى ظمأ النّاشئة، فهو من دعا إلى تلاقح الأفكار عبر الحوار، مؤيّداً تواصل الحضارات، وكان السبّاق إلى ذلك، دون أن يكلّ لسانه من الدّعوة إلى الحصانة من هوجاء التعصّب والتمذهب، من خلال بناء الجسور بين الطّوائف والمذاهب، على قاعدة أنّ العدل يوحّد الأديان، وأنّ الظّلم لا دين له.

عرفناك سيّدي فكراً صافياً مؤمناً بأنّ الوحدة الوطنيّة مدخل للعيش الكريم، وبأنّ الوحدة الإسلاميّة هي الإبادة للفتنة في مهدها، وبأنّها قوّة في وجه المؤامرات والتّهديدات والمخطّطات الهادفة للنّيل من عزّة هذه الأمّة.

سيّدي، تشهد لك المنابر أنّك خطيب للحقّ، يعلو صوته نصرةً للمظلوم، رافعاً شعار: "لا يوحشنّك إلا الباطل، ولا يؤنسنّك إلاّ الحقّ". يمجّد له التّاريخ دوره السّامي، الوحدويّ والوطنيّ، فنى حياته لأجل مجابهة الاستكبار العالميّ، وضدّ الصّهيونيّة، وضدّ الجهل والتخلّف، ولأجل رسالته دفع ضريبة كبيرة وكبيرة جداً.

سيّدي، فلسطين اليوم تفتقدك، تفتقد مجاهداً كبيراً، خسرتك فلسطين، خسرتك المقاومة، ولا زالت كلماتك تنسكب على مسمعي كنغمات أعذب من حرير الماء "القدس هي الإنسان، المسجد الأقصى بإنسانه، وقيمة كنيسة القيامة بإنسانها، حمل همّ فلسطين وقال وهو على فراش المرض، يكابر على الوجع والألم: "لن أرتاح حتّى يزول الكيان الغاصب".

رحل السيّد، غاب الجسد، ولازال الحضور قائماً في الغياب، ينثر صبحاً ومساءً مع الفجر وعند الغروب، قطرات حبّ من فؤاد السيّد، أسمع طرقاتها على القلوب: "لأنّي أحبّكم جميعاً، أحبّ كلّ النّاس الذين يتّفقون معنا والذين يختلفون معنا".

سيّدي، أستميحكم عذراً، فهذا ليس مديحاً أو ثناءً، فكلّ العبارات تتساقط أمام قامتكم العلميّة والفكريّة والإنسانيّة. سيّدي، هذا بعض من عصار قلبي الّذي انفطر شوقاً ووجداً. سيّدي، أستميحكم عذراً، لأنّني أريد أن أكفّف دموعي بمنديل الكلمات، وأضمّد جرحي الغائر برباط السّطور، وأبلسم الألم بالحروف.

لك يا سيّدي، يا من أخذتنا إلى الغد، إليك في عليائك، أحمل القلب على الكفّين وأقدّمه، أنحني لعباءتك وعمامتك، إجلالاً لروحك الّتي لم تعرف إلا التّحليق في الأسمى والأنقى والأطهر.

سيّدي، ستبقى حاضراً مع فرحة اليتيم وشفاء المريض، مع بسمة الفقير وأمل الكفيف، ومع نجاح كلّ طالب علم.

سيّدي، ويبقى الختام، عهدنا لك أن نكمل المسيرة، كما دعوتنا لتحرير فلسطين الّتي نام همّها معكم في سكون مرقدكم الشّريف. والآن، وبعد هذه الكلمات، لن أسمح لأحد بأن يسألني: لم كلّ هذا العشق لفضل الله؟

ان الآراء الواردة في هذا المقال لا تعبِّر بالضرورة عن رأي الموقع ، وإنما عن رأي صاحبه .

عبرات تنسكب من عينٍ ما رأتك لتغسل وجنات من ذابت شوقاً للقاك في فكرك، في نهجك، في نثرك وفي شعرك .

عبرت الأيّام سرب الزّمان، ولم يمنّ القدر عليّ أن ألتقيه لأبحر في عباب عينيه التّائهتين في بحر الإيمان، لأقرأ في قلبه صمت التّقى والرّضوان، ولأسمع صدى الصّبر يتصاعد من روحه الطّاهرة، فأفهم معنى الإسلام الحقّ، معنى أن يكون الإنسان إنساناً لإنسانيّته.

وبعد.. ماذا بعد؟! رحت أتأمّل صورته المعلّقة على أوتار قلبي، تراودني أسئلة مثل: ماذا لو رأيته؟ ماذا كنت قلت له؟ لا أستطيع أن أتخيّل الأحاسيس الّتي كانت ستختلجني، جلّ ما يمكن وصفه، دقّات قلب تنتفض شوقاً في اللّقاء، نبضات تتسارع علّها توقف الزّمان، فأظلّ غارقةً في وجهه السّمح يتصبّب إنسانيّةً وهدى وحناناً، لو أنّني رأيته، لنذرت الدّموع فرحاً وفخراً بلقاء من ذاب تواضعاً، من أحبّ النّاس فأحبّوه، لأنّي لمحت من عاش مع النّاس بأخلاق نبويّة، فكان مرآة لروحيّة الإسلام، عكست مواقف الرسالة الحضاريّة.

هو صاحب العمّة والعمامة، من رحب آفاقه نقطف العبر اليانعة، هو ذا سماحة العلامة المرجع السيّد محمد حسين فضل الله(رض)، سيّد الكلمة والموقف، دعانا لنفكّر معه، مجهراً بصوته: "فكّروا معي"، ولم يرض أن يفكّر عنّا.. أسّس جمعيّة المبرّات الخيريّة تحت شعار "المبرّات إسلاميّة وليست طائفيّة".. على هذا الفكر علّم وأنشأ جيل المبرّات، ورعى الأيتام والمساكين والفقراء، فكان لسان حاله يلهج: "الله الله في أيتامكم وفقرائكم ومساكينكم وضعفائكم".

هو ذا الفقيه المجدّد والعلاّمة المنفتح، من ينبوع الوحدة الإسلاميّة روى ظمأ النّاشئة، فهو من دعا إلى تلاقح الأفكار عبر الحوار، مؤيّداً تواصل الحضارات، وكان السبّاق إلى ذلك، دون أن يكلّ لسانه من الدّعوة إلى الحصانة من هوجاء التعصّب والتمذهب، من خلال بناء الجسور بين الطّوائف والمذاهب، على قاعدة أنّ العدل يوحّد الأديان، وأنّ الظّلم لا دين له.

عرفناك سيّدي فكراً صافياً مؤمناً بأنّ الوحدة الوطنيّة مدخل للعيش الكريم، وبأنّ الوحدة الإسلاميّة هي الإبادة للفتنة في مهدها، وبأنّها قوّة في وجه المؤامرات والتّهديدات والمخطّطات الهادفة للنّيل من عزّة هذه الأمّة.

سيّدي، تشهد لك المنابر أنّك خطيب للحقّ، يعلو صوته نصرةً للمظلوم، رافعاً شعار: "لا يوحشنّك إلا الباطل، ولا يؤنسنّك إلاّ الحقّ". يمجّد له التّاريخ دوره السّامي، الوحدويّ والوطنيّ، فنى حياته لأجل مجابهة الاستكبار العالميّ، وضدّ الصّهيونيّة، وضدّ الجهل والتخلّف، ولأجل رسالته دفع ضريبة كبيرة وكبيرة جداً.

سيّدي، فلسطين اليوم تفتقدك، تفتقد مجاهداً كبيراً، خسرتك فلسطين، خسرتك المقاومة، ولا زالت كلماتك تنسكب على مسمعي كنغمات أعذب من حرير الماء "القدس هي الإنسان، المسجد الأقصى بإنسانه، وقيمة كنيسة القيامة بإنسانها، حمل همّ فلسطين وقال وهو على فراش المرض، يكابر على الوجع والألم: "لن أرتاح حتّى يزول الكيان الغاصب".

رحل السيّد، غاب الجسد، ولازال الحضور قائماً في الغياب، ينثر صبحاً ومساءً مع الفجر وعند الغروب، قطرات حبّ من فؤاد السيّد، أسمع طرقاتها على القلوب: "لأنّي أحبّكم جميعاً، أحبّ كلّ النّاس الذين يتّفقون معنا والذين يختلفون معنا".

سيّدي، أستميحكم عذراً، فهذا ليس مديحاً أو ثناءً، فكلّ العبارات تتساقط أمام قامتكم العلميّة والفكريّة والإنسانيّة. سيّدي، هذا بعض من عصار قلبي الّذي انفطر شوقاً ووجداً. سيّدي، أستميحكم عذراً، لأنّني أريد أن أكفّف دموعي بمنديل الكلمات، وأضمّد جرحي الغائر برباط السّطور، وأبلسم الألم بالحروف.

لك يا سيّدي، يا من أخذتنا إلى الغد، إليك في عليائك، أحمل القلب على الكفّين وأقدّمه، أنحني لعباءتك وعمامتك، إجلالاً لروحك الّتي لم تعرف إلا التّحليق في الأسمى والأنقى والأطهر.

سيّدي، ستبقى حاضراً مع فرحة اليتيم وشفاء المريض، مع بسمة الفقير وأمل الكفيف، ومع نجاح كلّ طالب علم.

سيّدي، ويبقى الختام، عهدنا لك أن نكمل المسيرة، كما دعوتنا لتحرير فلسطين الّتي نام همّها معكم في سكون مرقدكم الشّريف. والآن، وبعد هذه الكلمات، لن أسمح لأحد بأن يسألني: لم كلّ هذا العشق لفضل الله؟

ان الآراء الواردة في هذا المقال لا تعبِّر بالضرورة عن رأي الموقع ، وإنما عن رأي صاحبه .

اقرأ المزيد
نسخ النص نُسِخ!
تفسير