في شروط المتعاقدين

في شروط المتعاقدين

يشترط في المتعاقدين أمور:

الأول: البلوغ، فلا يصح عقد الصبي في ماله بدون إذن الولي وإن كان مميزاً رشيداً، فإن أذن له وكان خبيراً في إدارة أمواله ورشيداً في التصرف فيها صح بيعه؛ وكذا يصح بيعه إذا جعله الولي وكيلاً عنه في إجراء الصيغة؛ أما بيعه لمال غيره فإنه يكفي في صحته أن يكون مأذوناً من صاحب المال ومميزاً ورشيداً، ولو لم يأذن وليه.


الثاني: العقل، فلا يصح عقد المجنون الأدواري حال جنونه، ولا المجنون المطبق، حتى لو تحقق منه قصد إنشاء البيع.


الثالث: الاختيار، فلا يصحّ البيع من المكرَه عليه، والمكرَه هو: (من يأمُره غيره بالعمل المكروه له، على نحوٍ يخاف من الإضرار به لو خالفه، بحيث يكون وقوع العمل المكرَه عليه من باب ارتكاب أقل المكروهين)؛ وهو بذلك يختلف عن الاضطرار؛ وذلك أن المضطر لبيع داره لتأمين المال الذي أمره الظالم بدفعه وإن كان كارها لبيع الدار، لكنه قد فعله باختياره بسبب انحصار تأمين المال بهذه الطريقة، دون أن يجبره الظالم على نفس البيع، فلا يضر ذلك بصحة البيع رغم كونه مكروهاً له.


والمراد من الضرر المُهدَّد به ما يعم الضرر الواقع عليه أو على ماله أو كرامته وحرمته أو على بعض من يتعلق به ممن يهمه أمره، كزوجته وأولاده وأبويه ونحوهم، كذلك فإن المراد به خصوص الضرر المعتد به مما يحرص العقلاء على دفعه عن أنفسهم وعن من يهمهم أمرهم، فإن كان الضرر المهدد به يسيراً لا يوجب الخوف في النفس لم يتحقق به الإكراه.


م ـ607: إذا أمكنه التهرب من الإكراه ببعض الطرق الشرعية لم يجب عليه استخدامها؛ وذلك كأن يدّعي - بطريقة التورية - أن هذه الدار ليست له، ويكون قصده أنها لله تعالى، ونحو ذلك من أساليب التمويه والخداع للظالم، فإذا لم يستخدم التورية، وبقي عنوان المكرَه صادقاً عليه، فباع  عندئذٍ  بطل البيع.


م ـ608: إذا توجه الإكراه إلى أحد الشخصين أو وقع على أحد الشيئين مردداً بينهما، تحقق له نفس الأثر في بطلان البيع، فإذا قال الظالم: "ليبع زيد أو عمرو داره"  فبادر زيد فباع داره، أو بادرا معاً فباعا داريهما بطل البيع؛ وكذا لو قال الظالم لزيد: "بع دارك أو سيارتك"  فباع سيارته وحدها أو باعها مع الدار دفعة واحدة بطل البيع، نعم إذا باع الثاني داره بعدما علم ببيع الأول لداره في المثال الأول لم يبطل بيعه، وكذا لو باع زيد داره بعدما باع سيارته في المثال الثاني لم يبطل البيع.


م ـ609: لو أكرهه على بيع دابته مثلاً، فباعها مع وليدها، بطل بيع الدابة وصح بيع الولد، إلا أن يكون الوليد غير  قادر على البقاء والعيش بدون أمه، فيبطل بيعه  أيضاً  حينئذٍ.


الرابع: يشترط في صحة البيع كون كل من العاقدين مالكاً لما تحت يده من الثمن أو المثمن ملكية نافذة، أو يكون بحكم المالك كذلك، كالمأذون من المالك أو الوكيل عنه أو الولي عليه، فإن لم يكن كذلك لم يصح منه البيع إلا بإذن المالك  أو مَنْ هو بحكمه  إن كان فضولياً، أو بإذن الغرماء إن كان محجوراً عليه لفلس.


م ـ610: إذا تصدى للبيع أو الشراء عن الغير مَنْ ليس مأذوناً من قبله ولا وكيلاً عنه ولا ولياً عليه توقفت صحة العقد المصطلح عليه بـ (عقد الفضولي)  على إجازة المالك أو مَنْ في حكمه، فإذا أجازه صح ونفذ وترتبت عليه آثاره، وإذا رده بطل.


م ـ611: إذا باع مال غيره معتقداً كونه مالكاً له أو ولياً أو وكيلاً عن المالك، فتبين خلافه، جرى عليه نفس حكم الفضولي، فإن أجازه المالك صحّ وإن ردّه بطل؛ ولو باعه باعتقاد كونه غير مأذون فتبين كونه مأذوناً بوكالة أو ولاية صح البيع ولم يحتج إلى إجازة المالك، وكذا يصح البيع في صورة ما لو اعتقد كونه أجنبياً فتبين كونه مالكاً حين البيع، بدون حاجة إلى موافقة جديدة منه على البيع الصادر عنه إلا إذا كان بحيث لو عرف أنه مالك لما رضي بالبيع فلا بد من الإجازة، نعم إذا ملك الفضولي العين التي باعها بهبة أو ميراث أو شراء أو غيرها قبل إجازة المالك لم يصح البيع الصادر عنه إلا إذا رضي به وأجازه.


م ـ612: إذا باع مال غيره فضولاً، فتبين أن المالك باعه  أيضاً  إلى شخص آخر، صح بيع المالك، وتوقفت صحة بيع الفضولي على إجازة المالك الجديد الذي اشترى من المالك الأصلي، فإن أجازه صح وإن رده بطل.


م ـ 613: لا يكفي اتكال البائع لمال غيره على علمه برضاه بالبيع، بل لا بد لصحة البيع عنه من صدور الإذن منه بخصوصه بما يدل عليه من قول أو فعل؛ كذلك فإنه لا يكفي في إجازة البيع علم الفضولي برضا المالك الباطني، بل لا بد من الدلالة عليه بقول أو فعل، مثل: (رضيت)  و(أجزت)  ونحوهما من الأقوال، أو بأخذ الثمن الذي باعه به أو نحوه من الأفعال الدالة على الرضا.


م ـ614: الإجازة تجعل العقد الفضولي صحيحاً ونافذاً ومؤثراً من حين صدوره لا من حين الإجازة، ويترتب على ذلك أن نماء الثمن في فترة ما بين وقوع العقد وإجازته ملك من انتقل إليه الثمن، ونماء المثمن  فيها ملك للمشتري.

م ـ615: إذا كان المالك قد أكد على الفضولي عدم بيع ماله فباعه، كانت إجازة المالك للبيع  رغم ذلك  معتبرة ونافذة؛ كذلك فإنها تعتبر نافذة  أيضاً  إذا لم يكن قد سبق البيعَ صدورُ المنع، لكنَّ المالك كان قد رد عقد الفضولي ثم أجازه؛ أما إذا أجاز البيع ثم ردّه فليس لرده أثر، ويستمر البيع صحيحاً لازماً.

م ـ616: إذا باع الإنسان ماله ومال غيره صفقة واحدة صح البيع فيما يملك وتوقف في غير ما يملكه على الإجازة، فإن أجازه المالك صح وإن لم يجزه بطل، وحينئذ يثبت للمشتري خيار تبعض الصفقة، فيحق له فسخ البيع في الجزء الذي يملكه البائع، وسيأتي في مبحث اللزوم والفسخ عند الحديث عن الخيارات كلام في كيفية تحديد ثمن الجزء الذي رضي المشتري باستمرار العقد فيه. (أنظر المسألة: 728).


م ـ617: إذا رد المالك بيع الفضولي، وكان المثمن ما يزال عند المالك، أو كان الثمن ما يزال عند المشتري، فلا كلام، وأما إذا كان أحد العوضين قد انتقل إلى غير من هو تحت يده، فإن كان المثمن عند الفضولي رجع المالك عليه، وإن كان قد دفعه إلى المشتري رجع المالك على الفضولي أو على المشتري؛ وأما إذا تلف المثمن فإن للمالك أن يرجع على الفضولي إن لم يكن قد دفعه إلى المشتري، وإلا رجع على أحدهما، ببدل العين إن كانت مثلية وبقيمتها في يوم التلف إن كانت قيمية. هذا من جهة المثمن، أما من جهة الثمن فإنه إن كان عند الفضولي وطلبه المشتري وجب عليه تسليمه له، وإن كان قد تلف عنده فهو مضمون عليه ببدله أو قيمته.


م ـ618: قلنا في المسألة السابقة: "إن لمالك العين المباعة فضولاً  أن يرجع بضمانها على الفضولي أو المشتري إذا كانت قد تلفت عند المشتري"؛ وتفصيل ذلك كما يلي:


أولاً: إذا رجع المالك على الفضولي قبل أن يقبض الثمن المسمى من المشتري، فَعَوَّضَ عليه بدل العين أو قيمتها، فإن للفضولي أن يرجع إلى المشتري الذي تلفت عنده العين بما يوازي مقدار الثمن المسمى مما دفعه، لأن المشتري هو الضامن  حقيقة  للتلف، إلا أن يكون ما دفعه الفضولي كبدل للعين أو قيمتها أزيد من الثمن المسمى، ولم يكن قد أوهم المشتري بأنه هو المالك، بل كان معتقداً أنه مالك العين مثلاً، فإن له أن يرجع بالزائد عليه أيضاً. وأما إذا كان الفضولي قد قبض الثمن من المشتري، فلا ضرورة  حينئذ  لرجوع الفضولي على المشتري بعدما كان الثمن المسمى موجوداً بين يديه، إلا أن يكون ما دفعه أزيد منه، ولم يكن غاراً للمشتري، فيرجع بالزائد  فقط  عليه.


ثانياً: إذا رجع المالك على المشتري مباشرة فليس للمشتري أن يرجع بما دفعه على البائع، إلا أن يكون مغروراً من قبله فيرجع عليه بما يدفعه زيادة على الثمن المسمى؛ وهذا الحكم واضح تماماً في صورة ما لو لم يكن المشتري قد دفع الثمن للفضولي، وأما إذا كان قد دفع له الثمن فمن المؤكد أنه يجب على الفضولي إرجاع ما قبضه منه، إذ إنه بعد فساد البيع يرجع كل مال إلى صاحبه كما ذكرنا في المسألة السابقة.


م ـ619: كما تُضمن العين للمالك عند من تلفت عنده كذلك تضمن منافعها المستوفاة وزياداتها العينية، كالدابة يركبها والدار يسكنها والكتاب يقرأ فيه واللبن يأكله والصوف والبيض ونحوه من وجوه النماء المنفصل؛ وما ذكرناه في ضمان العين يجري في ضمان المنافع والنماء، فيضمنه من استولى على العين واستوفى منافعها وزياداتها، وإن كان يجوز للمالك الرجوع على الفضولي إذا كان المستوفي لها هو المشتري، وحينئذ يحق للفضولي الرجوع بما دفعه على المشتري ما لم يكن قد غره، وإذا رجع المالك على المشتري لم يرجع على البائع إلا إذا كان مغروراً.


هذا إذا استوفى الفضولي أو المشتري منافع العين، أما إذا لم يكن قد استوفى شيئاً من منافعها، كأن لم يكن قد سكن الدار ولا ركب الدابة ولا قرأ في الكتاب، فإن كان للعين منافع يبذل بإزائها المال،كسُكنى الدار وركوب السيارة، بحيث تفوت على المالك عند حبس العين، كانت مثل هذه المنافع مضمونةً حتى لو لم ينتفع بها المستولي على العين، وهي ما يصطلح عليها بـ )المنافع المفوَّتة(؛ وإن كانت مما لا يبذل المال بإزائها عند فوتها على مالكها، كالقراءة في الكتاب، لم يضمنها المستولي على العين، وهي ما يصطلح عليها بـ (المنافع الفائتة). هذا وإننا سوف نتعرض في باب الغصب لأمور أخرى قد يكون لها علاقة ببعض جوانب هذا الموضوع فليرجع إليه.


م ـ620: لا بد  في تصحيح عقد الفضولي بالإجازة من بقاء المشتري على التزامه بالبيع إلى حين الإجازة، فلو أعرض عنه لم تنفع الإجازة في تصحيحه، فإذا باع الفضولي دار سعيد لأحمد، فأعرض أحمد عن البيع قبل إجازة سعيد للبيع، لم تنفع إجازته بعد إعراض أحمد في تصحيح البيع.


م ـ621: الوكيل في البيع عن شخص لا يجوز له شراء العين لنفسه إلا إذا فهم من الإطلاق رغبته ببيعها لكل مشترٍ بمن فيهم الوكيل نفسه، وكذا حكم الوكيل في غير البيع من المعاملات، كالزواج والإجارة وغيرهما، ويلحقه حكم الفضولي.


يشترط في المتعاقدين أمور:

الأول: البلوغ، فلا يصح عقد الصبي في ماله بدون إذن الولي وإن كان مميزاً رشيداً، فإن أذن له وكان خبيراً في إدارة أمواله ورشيداً في التصرف فيها صح بيعه؛ وكذا يصح بيعه إذا جعله الولي وكيلاً عنه في إجراء الصيغة؛ أما بيعه لمال غيره فإنه يكفي في صحته أن يكون مأذوناً من صاحب المال ومميزاً ورشيداً، ولو لم يأذن وليه.


الثاني: العقل، فلا يصح عقد المجنون الأدواري حال جنونه، ولا المجنون المطبق، حتى لو تحقق منه قصد إنشاء البيع.


الثالث: الاختيار، فلا يصحّ البيع من المكرَه عليه، والمكرَه هو: (من يأمُره غيره بالعمل المكروه له، على نحوٍ يخاف من الإضرار به لو خالفه، بحيث يكون وقوع العمل المكرَه عليه من باب ارتكاب أقل المكروهين)؛ وهو بذلك يختلف عن الاضطرار؛ وذلك أن المضطر لبيع داره لتأمين المال الذي أمره الظالم بدفعه وإن كان كارها لبيع الدار، لكنه قد فعله باختياره بسبب انحصار تأمين المال بهذه الطريقة، دون أن يجبره الظالم على نفس البيع، فلا يضر ذلك بصحة البيع رغم كونه مكروهاً له.


والمراد من الضرر المُهدَّد به ما يعم الضرر الواقع عليه أو على ماله أو كرامته وحرمته أو على بعض من يتعلق به ممن يهمه أمره، كزوجته وأولاده وأبويه ونحوهم، كذلك فإن المراد به خصوص الضرر المعتد به مما يحرص العقلاء على دفعه عن أنفسهم وعن من يهمهم أمرهم، فإن كان الضرر المهدد به يسيراً لا يوجب الخوف في النفس لم يتحقق به الإكراه.


م ـ607: إذا أمكنه التهرب من الإكراه ببعض الطرق الشرعية لم يجب عليه استخدامها؛ وذلك كأن يدّعي - بطريقة التورية - أن هذه الدار ليست له، ويكون قصده أنها لله تعالى، ونحو ذلك من أساليب التمويه والخداع للظالم، فإذا لم يستخدم التورية، وبقي عنوان المكرَه صادقاً عليه، فباع  عندئذٍ  بطل البيع.


م ـ608: إذا توجه الإكراه إلى أحد الشخصين أو وقع على أحد الشيئين مردداً بينهما، تحقق له نفس الأثر في بطلان البيع، فإذا قال الظالم: "ليبع زيد أو عمرو داره"  فبادر زيد فباع داره، أو بادرا معاً فباعا داريهما بطل البيع؛ وكذا لو قال الظالم لزيد: "بع دارك أو سيارتك"  فباع سيارته وحدها أو باعها مع الدار دفعة واحدة بطل البيع، نعم إذا باع الثاني داره بعدما علم ببيع الأول لداره في المثال الأول لم يبطل بيعه، وكذا لو باع زيد داره بعدما باع سيارته في المثال الثاني لم يبطل البيع.


م ـ609: لو أكرهه على بيع دابته مثلاً، فباعها مع وليدها، بطل بيع الدابة وصح بيع الولد، إلا أن يكون الوليد غير  قادر على البقاء والعيش بدون أمه، فيبطل بيعه  أيضاً  حينئذٍ.


الرابع: يشترط في صحة البيع كون كل من العاقدين مالكاً لما تحت يده من الثمن أو المثمن ملكية نافذة، أو يكون بحكم المالك كذلك، كالمأذون من المالك أو الوكيل عنه أو الولي عليه، فإن لم يكن كذلك لم يصح منه البيع إلا بإذن المالك  أو مَنْ هو بحكمه  إن كان فضولياً، أو بإذن الغرماء إن كان محجوراً عليه لفلس.


م ـ610: إذا تصدى للبيع أو الشراء عن الغير مَنْ ليس مأذوناً من قبله ولا وكيلاً عنه ولا ولياً عليه توقفت صحة العقد المصطلح عليه بـ (عقد الفضولي)  على إجازة المالك أو مَنْ في حكمه، فإذا أجازه صح ونفذ وترتبت عليه آثاره، وإذا رده بطل.


م ـ611: إذا باع مال غيره معتقداً كونه مالكاً له أو ولياً أو وكيلاً عن المالك، فتبين خلافه، جرى عليه نفس حكم الفضولي، فإن أجازه المالك صحّ وإن ردّه بطل؛ ولو باعه باعتقاد كونه غير مأذون فتبين كونه مأذوناً بوكالة أو ولاية صح البيع ولم يحتج إلى إجازة المالك، وكذا يصح البيع في صورة ما لو اعتقد كونه أجنبياً فتبين كونه مالكاً حين البيع، بدون حاجة إلى موافقة جديدة منه على البيع الصادر عنه إلا إذا كان بحيث لو عرف أنه مالك لما رضي بالبيع فلا بد من الإجازة، نعم إذا ملك الفضولي العين التي باعها بهبة أو ميراث أو شراء أو غيرها قبل إجازة المالك لم يصح البيع الصادر عنه إلا إذا رضي به وأجازه.


م ـ612: إذا باع مال غيره فضولاً، فتبين أن المالك باعه  أيضاً  إلى شخص آخر، صح بيع المالك، وتوقفت صحة بيع الفضولي على إجازة المالك الجديد الذي اشترى من المالك الأصلي، فإن أجازه صح وإن رده بطل.


م ـ 613: لا يكفي اتكال البائع لمال غيره على علمه برضاه بالبيع، بل لا بد لصحة البيع عنه من صدور الإذن منه بخصوصه بما يدل عليه من قول أو فعل؛ كذلك فإنه لا يكفي في إجازة البيع علم الفضولي برضا المالك الباطني، بل لا بد من الدلالة عليه بقول أو فعل، مثل: (رضيت)  و(أجزت)  ونحوهما من الأقوال، أو بأخذ الثمن الذي باعه به أو نحوه من الأفعال الدالة على الرضا.


م ـ614: الإجازة تجعل العقد الفضولي صحيحاً ونافذاً ومؤثراً من حين صدوره لا من حين الإجازة، ويترتب على ذلك أن نماء الثمن في فترة ما بين وقوع العقد وإجازته ملك من انتقل إليه الثمن، ونماء المثمن  فيها ملك للمشتري.

م ـ615: إذا كان المالك قد أكد على الفضولي عدم بيع ماله فباعه، كانت إجازة المالك للبيع  رغم ذلك  معتبرة ونافذة؛ كذلك فإنها تعتبر نافذة  أيضاً  إذا لم يكن قد سبق البيعَ صدورُ المنع، لكنَّ المالك كان قد رد عقد الفضولي ثم أجازه؛ أما إذا أجاز البيع ثم ردّه فليس لرده أثر، ويستمر البيع صحيحاً لازماً.

م ـ616: إذا باع الإنسان ماله ومال غيره صفقة واحدة صح البيع فيما يملك وتوقف في غير ما يملكه على الإجازة، فإن أجازه المالك صح وإن لم يجزه بطل، وحينئذ يثبت للمشتري خيار تبعض الصفقة، فيحق له فسخ البيع في الجزء الذي يملكه البائع، وسيأتي في مبحث اللزوم والفسخ عند الحديث عن الخيارات كلام في كيفية تحديد ثمن الجزء الذي رضي المشتري باستمرار العقد فيه. (أنظر المسألة: 728).


م ـ617: إذا رد المالك بيع الفضولي، وكان المثمن ما يزال عند المالك، أو كان الثمن ما يزال عند المشتري، فلا كلام، وأما إذا كان أحد العوضين قد انتقل إلى غير من هو تحت يده، فإن كان المثمن عند الفضولي رجع المالك عليه، وإن كان قد دفعه إلى المشتري رجع المالك على الفضولي أو على المشتري؛ وأما إذا تلف المثمن فإن للمالك أن يرجع على الفضولي إن لم يكن قد دفعه إلى المشتري، وإلا رجع على أحدهما، ببدل العين إن كانت مثلية وبقيمتها في يوم التلف إن كانت قيمية. هذا من جهة المثمن، أما من جهة الثمن فإنه إن كان عند الفضولي وطلبه المشتري وجب عليه تسليمه له، وإن كان قد تلف عنده فهو مضمون عليه ببدله أو قيمته.


م ـ618: قلنا في المسألة السابقة: "إن لمالك العين المباعة فضولاً  أن يرجع بضمانها على الفضولي أو المشتري إذا كانت قد تلفت عند المشتري"؛ وتفصيل ذلك كما يلي:


أولاً: إذا رجع المالك على الفضولي قبل أن يقبض الثمن المسمى من المشتري، فَعَوَّضَ عليه بدل العين أو قيمتها، فإن للفضولي أن يرجع إلى المشتري الذي تلفت عنده العين بما يوازي مقدار الثمن المسمى مما دفعه، لأن المشتري هو الضامن  حقيقة  للتلف، إلا أن يكون ما دفعه الفضولي كبدل للعين أو قيمتها أزيد من الثمن المسمى، ولم يكن قد أوهم المشتري بأنه هو المالك، بل كان معتقداً أنه مالك العين مثلاً، فإن له أن يرجع بالزائد عليه أيضاً. وأما إذا كان الفضولي قد قبض الثمن من المشتري، فلا ضرورة  حينئذ  لرجوع الفضولي على المشتري بعدما كان الثمن المسمى موجوداً بين يديه، إلا أن يكون ما دفعه أزيد منه، ولم يكن غاراً للمشتري، فيرجع بالزائد  فقط  عليه.


ثانياً: إذا رجع المالك على المشتري مباشرة فليس للمشتري أن يرجع بما دفعه على البائع، إلا أن يكون مغروراً من قبله فيرجع عليه بما يدفعه زيادة على الثمن المسمى؛ وهذا الحكم واضح تماماً في صورة ما لو لم يكن المشتري قد دفع الثمن للفضولي، وأما إذا كان قد دفع له الثمن فمن المؤكد أنه يجب على الفضولي إرجاع ما قبضه منه، إذ إنه بعد فساد البيع يرجع كل مال إلى صاحبه كما ذكرنا في المسألة السابقة.


م ـ619: كما تُضمن العين للمالك عند من تلفت عنده كذلك تضمن منافعها المستوفاة وزياداتها العينية، كالدابة يركبها والدار يسكنها والكتاب يقرأ فيه واللبن يأكله والصوف والبيض ونحوه من وجوه النماء المنفصل؛ وما ذكرناه في ضمان العين يجري في ضمان المنافع والنماء، فيضمنه من استولى على العين واستوفى منافعها وزياداتها، وإن كان يجوز للمالك الرجوع على الفضولي إذا كان المستوفي لها هو المشتري، وحينئذ يحق للفضولي الرجوع بما دفعه على المشتري ما لم يكن قد غره، وإذا رجع المالك على المشتري لم يرجع على البائع إلا إذا كان مغروراً.


هذا إذا استوفى الفضولي أو المشتري منافع العين، أما إذا لم يكن قد استوفى شيئاً من منافعها، كأن لم يكن قد سكن الدار ولا ركب الدابة ولا قرأ في الكتاب، فإن كان للعين منافع يبذل بإزائها المال،كسُكنى الدار وركوب السيارة، بحيث تفوت على المالك عند حبس العين، كانت مثل هذه المنافع مضمونةً حتى لو لم ينتفع بها المستولي على العين، وهي ما يصطلح عليها بـ )المنافع المفوَّتة(؛ وإن كانت مما لا يبذل المال بإزائها عند فوتها على مالكها، كالقراءة في الكتاب، لم يضمنها المستولي على العين، وهي ما يصطلح عليها بـ (المنافع الفائتة). هذا وإننا سوف نتعرض في باب الغصب لأمور أخرى قد يكون لها علاقة ببعض جوانب هذا الموضوع فليرجع إليه.


م ـ620: لا بد  في تصحيح عقد الفضولي بالإجازة من بقاء المشتري على التزامه بالبيع إلى حين الإجازة، فلو أعرض عنه لم تنفع الإجازة في تصحيحه، فإذا باع الفضولي دار سعيد لأحمد، فأعرض أحمد عن البيع قبل إجازة سعيد للبيع، لم تنفع إجازته بعد إعراض أحمد في تصحيح البيع.


م ـ621: الوكيل في البيع عن شخص لا يجوز له شراء العين لنفسه إلا إذا فهم من الإطلاق رغبته ببيعها لكل مشترٍ بمن فيهم الوكيل نفسه، وكذا حكم الوكيل في غير البيع من المعاملات، كالزواج والإجارة وغيرهما، ويلحقه حكم الفضولي.

اقرأ المزيد
نسخ النص نُسِخ!
تفسير