يصلّي ويكذب.. وآخر لا يصلّي ولا يكذب؟!

يصلّي ويكذب.. وآخر لا يصلّي ولا يكذب؟!

استشارة..

ما الفرق بين مَنْ يصلّي ويكذب، وبين الّذي لا يصلّي ولا يكذب؟ أليس حالهما واحداً، إن لم يكن الثاني أفضل من الأوّل؟

وجواب..

هناك في مثل هذه المقارنة سؤالان:

1  ـ هل للصّلاة قيمة دينيّة إذا تجرَّدت عن المعاني الروحيّة، والجوانب العمليّة في شخصيّة الإنسان المسلم؟

2  ـ هل للصّلاة قيمة عمليّة في حياة المسلم في حال تجرُّدها عن الالتزام بالفضائل، في مقابل الالتزام ببعض الفضائل وترك الصّلاة؟

أمَّا الجواب عن السّؤال الأوّل، فتحدِّده الآية الكريمة: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ}[العنكبوت: 45].

والحديث النبوي الشّريف: "مَنْ لَم تَنْهَهُ صَلاتُه عَنِ الفَحْشَاء والمنكر، لم يَزْدَدْ مِنَ الله إلا بعداً".

والحديث المأثور: "رُبَّ صَائِمٍ لَيْسَ لَهُ حَظٌّ مِنْ صَوْمِهِ إِلَّا الْجُوعُ وَالْعَطَشُ، وَرُبَّ قَائِمٍ لَيْسَ لَهُ حَظٌّ مِنْ قِيَامِهِ إِلَّا السَّهَرُ وَالنَّصَبُ، يَا حَبَّذَا، نَوْمُ الأَكْيَاسِ وَإِفْطَارُهُمْ".

فقد دلَّت هذه النصوص الدينيّة على أنَّ الهدف من تشريع الصّلاة والفائدة منها، هو أنّها تحقِّق الانضباط العملي للإنسان أمام الفحشاء والمنكر، فلا قيمة للصّلاة بدون ذلك، لأنّها تكون عملاً بدون فائدة وبدون روح.

أمّا السؤال الثاني، فالجواب عنه أنَّ الصلاة وإن لم يكن لها قيمة دينيّة في حساب الله إذا تجرَّدت من الالتزام بالخطّ المستقيم في الارتباط بالمعاني الروحيّة، ولكنّها لا تخلو من قيمة عمليّة في هذا المجال، فإنَّ الذي يصلّي ويكذب، يؤمل فيه الخير، لأنَّ ارتباطه بالصلاة، يجعله قادراً على أن يكشف نفسه في بعض اللّحظات، فيرجع عن الكذب وعن غيره من الرّذائل.. وبذلك يمكن للصّلاة أن تقوم بدورٍ كبير في عملية التراجع عن الانحراف، لأنّها تحقِّق للإنسان الارتباط اليومي بالله، فإنّه وإن كان ارتباطاً بدون وعي، إلّا أنَّ الارتباط الرسمي بشكل يومي قد يفسح المجال لبعض الانفتاحات الروحيّة الطيّبة التي يكتشف من خلالها الجانب الطيّب في الحياة، فيبدأ عمليّة التراجع بطريقة تدريجيّة.

أمّا الذي لا يصلّي ولا يكذب، فإنّه وإن ارتبط بفضيلة الصّدق أو بغيرها من الفضائل، إلّا أنَّ هذا الارتباط لا ينطلق من قاعدة ثابتة في الأعماق، بل ينطلق من حالة طارئة، كالتربية العمليّة، أو المصلحة الذاتيّة، أو العوامل الخارجية المتنوِّعة... وفي مثل ذلك، لا يكون هناك أيّ ضمانة تحميه من الانحراف في حال وجود ظروف أقوى من الظروف العادية التي هيَّأت له جانب الاستقامة.. وبذلك يختلف حال الإنسان الذي يرتبط بالقاعدة التي تمدّه بالخير، وإنْ عاش في نفسه بعض لحظاته بشكلٍ عابر.

ومن هنا، ندرك أهميّة التّدريب على الصلاة، وتأكيد الالتزام بها والصّبر عليها، واعتبارها في الحديث النبويّ الشّريف عمود الدّين، لأنَّها القاعدة الروحيّة التي تجعل لكلّ الأفعال الدينيّة معنى، عندما تمدّه بالروح المتدفّق من وحي الله.

***

مرسل الاستشارة: ..................

نوعها: تربويّة.

*المجيب عنها: العلّامة المرجع السيّد محمد حسين فضل الله (رض)/ كتاب "مفاهيم إسلاميّة عامّة".

استشارة..

ما الفرق بين مَنْ يصلّي ويكذب، وبين الّذي لا يصلّي ولا يكذب؟ أليس حالهما واحداً، إن لم يكن الثاني أفضل من الأوّل؟

وجواب..

هناك في مثل هذه المقارنة سؤالان:

1  ـ هل للصّلاة قيمة دينيّة إذا تجرَّدت عن المعاني الروحيّة، والجوانب العمليّة في شخصيّة الإنسان المسلم؟

2  ـ هل للصّلاة قيمة عمليّة في حياة المسلم في حال تجرُّدها عن الالتزام بالفضائل، في مقابل الالتزام ببعض الفضائل وترك الصّلاة؟

أمَّا الجواب عن السّؤال الأوّل، فتحدِّده الآية الكريمة: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ}[العنكبوت: 45].

والحديث النبوي الشّريف: "مَنْ لَم تَنْهَهُ صَلاتُه عَنِ الفَحْشَاء والمنكر، لم يَزْدَدْ مِنَ الله إلا بعداً".

والحديث المأثور: "رُبَّ صَائِمٍ لَيْسَ لَهُ حَظٌّ مِنْ صَوْمِهِ إِلَّا الْجُوعُ وَالْعَطَشُ، وَرُبَّ قَائِمٍ لَيْسَ لَهُ حَظٌّ مِنْ قِيَامِهِ إِلَّا السَّهَرُ وَالنَّصَبُ، يَا حَبَّذَا، نَوْمُ الأَكْيَاسِ وَإِفْطَارُهُمْ".

فقد دلَّت هذه النصوص الدينيّة على أنَّ الهدف من تشريع الصّلاة والفائدة منها، هو أنّها تحقِّق الانضباط العملي للإنسان أمام الفحشاء والمنكر، فلا قيمة للصّلاة بدون ذلك، لأنّها تكون عملاً بدون فائدة وبدون روح.

أمّا السؤال الثاني، فالجواب عنه أنَّ الصلاة وإن لم يكن لها قيمة دينيّة في حساب الله إذا تجرَّدت من الالتزام بالخطّ المستقيم في الارتباط بالمعاني الروحيّة، ولكنّها لا تخلو من قيمة عمليّة في هذا المجال، فإنَّ الذي يصلّي ويكذب، يؤمل فيه الخير، لأنَّ ارتباطه بالصلاة، يجعله قادراً على أن يكشف نفسه في بعض اللّحظات، فيرجع عن الكذب وعن غيره من الرّذائل.. وبذلك يمكن للصّلاة أن تقوم بدورٍ كبير في عملية التراجع عن الانحراف، لأنّها تحقِّق للإنسان الارتباط اليومي بالله، فإنّه وإن كان ارتباطاً بدون وعي، إلّا أنَّ الارتباط الرسمي بشكل يومي قد يفسح المجال لبعض الانفتاحات الروحيّة الطيّبة التي يكتشف من خلالها الجانب الطيّب في الحياة، فيبدأ عمليّة التراجع بطريقة تدريجيّة.

أمّا الذي لا يصلّي ولا يكذب، فإنّه وإن ارتبط بفضيلة الصّدق أو بغيرها من الفضائل، إلّا أنَّ هذا الارتباط لا ينطلق من قاعدة ثابتة في الأعماق، بل ينطلق من حالة طارئة، كالتربية العمليّة، أو المصلحة الذاتيّة، أو العوامل الخارجية المتنوِّعة... وفي مثل ذلك، لا يكون هناك أيّ ضمانة تحميه من الانحراف في حال وجود ظروف أقوى من الظروف العادية التي هيَّأت له جانب الاستقامة.. وبذلك يختلف حال الإنسان الذي يرتبط بالقاعدة التي تمدّه بالخير، وإنْ عاش في نفسه بعض لحظاته بشكلٍ عابر.

ومن هنا، ندرك أهميّة التّدريب على الصلاة، وتأكيد الالتزام بها والصّبر عليها، واعتبارها في الحديث النبويّ الشّريف عمود الدّين، لأنَّها القاعدة الروحيّة التي تجعل لكلّ الأفعال الدينيّة معنى، عندما تمدّه بالروح المتدفّق من وحي الله.

***

مرسل الاستشارة: ..................

نوعها: تربويّة.

*المجيب عنها: العلّامة المرجع السيّد محمد حسين فضل الله (رض)/ كتاب "مفاهيم إسلاميّة عامّة".

اقرأ المزيد
نسخ النص نُسِخ!
تفسير